الثانية : ان العناوين الحسنة قسمان ، الأول : ما لا يكون مرتبطا بالمولى من حيث انه مولى كالإحسان إلى الغير والظلم عليه. الثاني : ما يكون له ارتباط خاص بالمولى من حيث انه مولى كإطاعته والانقياد له. وفي الأول لو لم يتعلق به الأمر المولوي لاوجه لعقاب المولى على المخالفة ولا الثواب على الموافقة ، ولا يوجب الفعل قربا إلى المولى ، ولا الترك بعدا عنه. واما في الثاني ، فتصح العقوبة على المخالفة والثواب على الموافقة ويوجب الفعل قربا إليه والترك بعدا عنه.
إذا عرفت هاتين المقدمتين :
فاعلم ان الأمر والطلب حيث لا يصح إلا فيما يوجب الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة والتمكن من التقرب إلى المولى بالموافقة بحيث لولاه لما كان في البين ما يمكن ان يتقرب به أو فيما يوجب ازدياد الثواب والعقاب ، وإلا يكون التكليف لغوا ، فلا يصح الأمر المولوي في المقام لترتب هذه الآثار على نفس الموضوع بل هو الموضوع لهذه الآثار دون الأمر كما لا يخفى.
قال المحقق الخراساني (ره) (١) في الكفاية ثم لا يذهب عليك ان التكليف ما لم يبلغ مرتبة البعث والزجر لم يصر فعليا وما لم يصر فعليا لم يكد يبلغ مرتبة التنجز واستحقاق العقوبة على المخالفة وان كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة انتهى.
وفيه : ان التفكيك بين الثواب والعقاب ، لاوجه له : إذ الحكم ان كان فعليا فموافقته توجب الثواب ومخالفته توجب العقاب ، وان لم يكن فعليا فان كانت
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٢٥٨.