الإشراف وتقريب النفس إلى ارتكاب الحرام ، كما هو الظاهر من مرسل الصدوق ، وعليه فغاية ما يستفاد منه حينئذ ، رجحان الترك ومطلوبية الاحتياط إذ لم يقل أحد بان إشراف النفس إلى الحرام من المحرمات الشرعية كيف ، فان ذلك موجود في ارتكاب المكروه ، إذا كثر كما صرح به في الأخبار ، وفي الشبهات الموضوعية ، فالنبوي على هذا في مقام بيان الصغرى ، والكبرى المطلوبة المسلمة إنما هو رجحان تبعيد النفس من الوقوع في الحرام إرشادا.
والجواب عنه على التقريب الأول ، انه ليس في الخبر ما يشهد بكون الإمام في مقام الاستدلال ، بل الظاهر خصوصا بقرينة ما ذكرناه كونه في مقام التقريب وذكر ما يسهل بملاحظة قبول المطلب.
وأجاب عنه الشيخ (ره) (١) بأنه لا مانع من الاستدلال برجحان ترك المشتبه المردد بين الحلال والحرام للزوم ترك الشاذ من الخبرين في مقام الطريق المترتب على العمل به الخطأ كثيرا ، والأخذ بما ليس طريقا شرعا.
وقرَّ به تلميذه المحقق (٢) بقوله : ان هو إلا نظير الاستدلال بكراهة الصلاة ، في ثوب من لا يتحرز عن النجاسات على عدم جواز الصلاة في الثوب النجس وهو كما ترى ولكن الذي يسهل الخطب أمره (قدِّس سره) بالتأمل.
فالمتحصّل من هذه الأخبار هو رجحان الاحتياط مطلقا ، ويؤيد ذلك الأخبار المساوقة للنبوي الشريف الظاهرة في الاستحباب لقرائن مذكورة فيها ،
__________________
(١) راجع فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥١ بتصرف.
(٢) بحر الفوائد ج ٢ ص ٤٢.