وقد ظهر بذلك أن العلم الاجمالي بالتكاليف ربما ينحل ببركة جريان الاصول المثبتة وتلك الضميمة ، فلا موجب حينئذ للاحتياط عقلا ولا شرعا أصلا ، كما لا يخفى (١).
كما ظهر أنه لو لم ينحل بذلك ، كان خصوص موارد الاصول النافية مطلقا ـ ولو من مظنونات عدم التكليف ـ محلا للاحتياط فعلا ، ويرفع اليد عنه فيها كلا أو بعضا ، بمقدار رفع الاختلال أو رفع العسر ـ على ما عرفت ـ لا محتملات التكليف مطلقا (٢).
______________________________________________________
(١) هذا الاستظهار تفريع على ما ذكره : من ان ما يحصل من العلم والعلمي والاصول المثبتة ربما يكون بمقدار المعلوم بالاجمال ، وربما يكون بمقدار لا يكون معه مجال لاستكشاف اهتمام الشارع ، فانه يترتب على الاول انحلال العلم الاجمالي ، ويترتب على الثاني عدم وجوب الاحتياط شرعا في الباقي ، ولذا قال (قدسسره) : «فلا موجب حينئذ للاحتياط عقلا» وذلك فيما اذا انحل العلم الاجمالي «ولا شرعا» وذلك فيما اذا لم يجب الاحتياط شرعا بواسطة حصول ما يفي باهتمام الشارع.
(٢) توضيحه : ان المشهور بعد تمامية مقدمات الانسداد كلها ، وهي العلم الاجمالي ، وانسداد باب العلم والعلمي ، وعدم جواز الاهمال ، وعدم وجوب الاحتياط ، وعدم جواز الرجوع الى الاصول مطلقا نافية او مثبتة ، فالنتيجة عندهم هو حجية مطلق الظن لانه ارجح المحتملات.
والشيخ الاعظم حيث يرى جواز التفكيك بين حرمة المخالفة ووجوب الموافقة اورد عليهم بان نتيجة مقدمات الانسداد بعد تماميتها هو التبعيض في الاحتياط في جميع موارد احتمال التكليف ، سواء المظنونات والمشكوكات والموهومات لا الاخذ بخصوص المظنونات ، لانه اذا لم يمكن الاحتياط التام فلا وجه لرفع اليد عنه مطلقا ، والاخذ بخصوص المظنونات.