أحدهما : ما أفاده بعض الفحول وتبعه في الفصول ، قال فيها : إنا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة ، لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ، ولا بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه ، أو قيام طريقه مقام القطع (١) ولو
______________________________________________________
(١) قد عرفت ان هذا الوجه ـ وهو الوجه الاول ـ مما اشترك به صاحب الحاشية وهو المعني بقوله بعض الفحول ، وصاحب الفصول ، ولذا قال : «وتبعه في الفصول» ، وهو مؤلف من مقدمتين :
الاولى : هو انا نعلم اجمالا بتكاليف كثيرة واقعية فعلية لا طريق لنا الى معرفتها بالقطع بها ، ولا سبيل لنا ايضا الى القطع بطريق خاص معين منصوب من الشارع لها ، فان الفرض انسداد باب العلم والعلمي ، فكما لا علم لنا بها كذلك لا علم لنا بالطريق الشرعي المنصوب لها ، فإن المفروض عدم القطع بحجية خبر الثقة ـ مثلا ـ ليقوم خبر الثقة مقام القطع ، فان مرجع اعتبار الشارع للطريق هو جعله قائما مقام القطع فيما للقطع من الاحكام من المنجزية والمعذرية ، وايضا لم يقم دليل قطعي على طريق يكون مؤداه حجية طريق شرعي الى الاحكام.
وبعبارة اخرى : ان الطريق المعين لخبر الثقة لم يثبت بنفسه ، ولا بطريق يؤدي الى حجيته ، فلم يثبت الطريق ولا طريق الطريق.
وتوضيحه : ان الدليل تارة يقوم على حجية الطريق كأن يقوم الخبر المتواتر على حجية خبر الثقة ، واخرى يقوم الدليل على طريق يؤدي الى حجية الطريق ، كأن يقوم الخبر المتواتر على حجية الشهرة مثلا ، والشهرة تقوم على حجية خبر الثقة ، فيكون خبر الثقة ثابتا بطريقه لقيام الخبر المتواتر على حجية الشهرة القائمة على حجيته ، فالاحكام الواقعية الفعلية لا قطع لنا بها ، ولا قطع لنا بحجية الطريق الخاص لها ، ولا قطع لنا بحجية طريق يؤدي الى حجية طريقها.