فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنما هو الرجوع في تعيين ذلك الطريق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم حجيته ، لانه أقرب إلى العلم ، وإلى إصابة الواقع مما عداه (١).
______________________________________________________
الاجمالي الثاني انحلال العلم الاجمالي الاول ، فيكون الامر راجعا الى انا مكلفون بالاحكام الذي تضمنتها الطرق المجعولة الشرعية ، لان العلم الاجمالي بعد انحلاله لا اثر له ، وحيث فرض انحلاله بالعلم الاجمالي الثاني فالتكليف الفعلي الذي له الاثر هو الاتيان بما قامت الطرق عليه ، ولا اثر للعلم الاجمالي بنفس التكاليف الواقعية المجردة عن الطرق ، ومن الواضح ان الطرق المنصوبة من الشارع المعلومة لنا اجمالا ايضا لا قطع لنا بها ، ولا قطع لنا بطريقها ولا بطريق طريقها كما مر شرح ذلك في المقدمة الاولى.
وقد اشار الى هذا العلم الاجمالي الثاني بقوله : «كذلك نقطع بان الشارع قد جعل لنا الى تلك الاحكام» الواقعية «طريقا مخصوصا وكلفنا تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة» لان هذا العلم الاجمالي الثاني ينحل به العلم الاجمالي الاول ، فيرجع تكليفنا الفعلي الى العمل بمؤدى الطرق.
واشار الى ان حال هذا العلم الاجمالي الثاني كالاول في عدم القطع به ولا بطريقه ولا بطريق طريقه بقوله : «وحيث انه لا سبيل غالبا الى تعيينها» أي تعيين تلك الطرق الخاصة «بالقطع ولا بطريق يقطع من السمع ... الى آخر الجملة».
(١) لا يخفى انه لازم المقدمتين المذكورتين هو كون نتيجة دليل الانسداد هي حجية الظن المتعلق بالطرق دون الظن المتعلق بالواقع ، لان انحلال العلم الاجمالي الاول بالعلم الاجمالي الثاني يوجب عدم الاثر للعلم الاول ، ويقتضي ايضا ان التكليف الفعلي هو العمل بمؤدى الطرق ، فتكون مقدمات الانسداد هكذا :
ـ الاولى : هي العلم الاجمالي بانه لنا احكام فعلية في خصوص مؤديات الطرق.