وثانيا : سلمنا ذلك ، لكن حكمه بتفريغ الذمة ـ فيما إذا أتى المكلف بمؤدى الطريق المنصوب ـ ليس إلا بدعوى أن النصب يستلزمه ، مع أن دعوى أن التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ فيما إذا أتى به أولى ، كما لا يخفى ، فيكون الظن به ظنا بالحكم بالتفريغ أيضا (١).
______________________________________________________
حكم العقل» بتفريغ الذمة «ولو حكم» الشارع في هذا الباب بتفريغ الذمة «كان يتبع حكمه» أي كان حكمه يتبع حكم العقل وكان «ارشادا» منه «اليه» أي الى حكم العقل.
ثم اشار المصنف الى ما مرّ منه من البرهان على عموم النتيجة في باب الانسداد لما يشمل الظن بالواقع والظن بالطريق ، بعد كون العقل هو الحاكم المستقل في هذا الباب ، وانه يرى ان الحال في الانسداد على طبق الحال في الانفتاح ، فكما في الانفتاح يكون القطع بالاتيان بالواقع حقيقة او تعبدا مبرئا للذمة كذلك الحال في الانسداد ، ولازمه كون الظن باتيان الواقع مبرئا للذمة في الانسداد ، كما ان الظن بالاتيان بمؤدى الطريق المظنون اعتباره ايضا مبرئ للذمة ، غاية الامر انه تعبد لا حقيقة ، وذلك بقوله : «وان المؤمن في حال الانسداد هو الظن بما كان القطع به مؤمنا في حال الانفتاح ... الى آخر الجملة».
(١) هذا هو الجواب الثاني ، وحاصله : انه سلّمنا ان الحاكم ببراءة الذمة وفراغها هو الشارع المكلّف دون العقل مستقلا ، وان السبب في حكم الشارع ببراءة ذمة من سلك الطريق الذي جعله طريقا لاحكامه ليس هو إلّا ان لازم نصب الطريق ذلك ، لان اتيان العبد بمؤدى الطريق المجعول هو كل ما يستطيعه العبد في مقام امتثاله للحكم الواقعي المنجز عليه ، وبهذا المناط نقول انه لا بد من حكم الشارع ايضا ببراءة ذمة من اتى بالواقع ايضا ، لانه كل ما يستطيعه العبد في الاتيان بالحكم الواقعي المنجز عليه.
والى هذا اشار بقوله : «مع ان دعوى ان التكليف بالواقع» الفعلي المنجز «يستلزم» ايضا «حكمه» أي حكم الشارع بالتفريغ للذمة ايضا «فيما اذا اتى»