ضرورة أنها إنما تكون في مورد قابل للحكم الشرعي ، والمورد هاهنا غير قابل له ، فإن الاطاعة الظنية التي يستقل العقل بكفايتها في حال الانسداد إنما هي بمعنى عدم جواز مؤاخذة الشارع بأزيد منها ، وعدم جواز اقتصار المكلف بدونها ، ومؤاخذة الشارع غير قابلة لحكمه ، وهو واضح. واقتصار المكلف بما دونها ، لما كان بنفسه موجبا للعقاب مطلقا ، أو فيما أصاب الظن ، كما أنها بنفسها موجبة للثواب أخطأ أو أصاب ،
______________________________________________________
فاتضح مما بيناه : ان العقل ينتهي الى حجية الظن في باب الانسداد وانحصار طريق الامتثال به ، ومع استقلال العقل في المقام بحجية الظن في هذا الحال وتعيينه لهذا الطريق الخاص لا وجه لاستكشاف نصب الشارع للظن في المقام واعتبار الحجية له من الشارع.
وقد اشار الى عدم اقتضاء المقدمات لجعل الظن شرعا بقوله : «لا يخفى عدم مساعدة مقدمات الانسداد ... الى آخر الجملة».
واشار الى أن نتيجتها حكم العقل بحجية الظن عند الانسداد بقوله : «ضرورة انه معها» أي من البديهي انه مع اقتضاء المقدمات لحجية الظن عقلا «لا يجب عقلا على الشارع ان ينصب طريقا» الى امتثال احكامه.
نعم ، لو لم يكن العقل حاكما ومعيّنا للظن وان الحجيّة في حال الانسداد منحصرة به لكان لا بد للشارع من نصب طريق لاحكامه الفعلية ، وحيث لا طريق اليها ، اما مع حكم العقل وتعيينه للطريق فللشارع ان يعتمد على ما حكم به العقل ويجتزئ به ، ولذا قال : «لجواز اجتزائه» أي الشارع «بما استقل به العقل» من الحكم بتعيين الظن «في هذا الحال» أي في حال الانسداد.