أربعة (١) ، فإن مثل قاعدة الطهارة فيما اشتبه طهارته بالشبهة الحكمية ، وإن كان مما ينتهي إليه فيما لا حجة على طهارته ولا على نجاسته ، إلا أن البحث عنها ليس بمهم ، حيث إنها ثابتة بلا كلام ، من دون حاجة إلى نقض وإبرام ، بخلاف الاربعة ، وهي : البراءة والاحتياط ، والتخيير والاستصحاب : فإنها محل الخلاف بين الاصحاب ، ويحتاج تنقيح مجاريها وتوضيح ما هو حكم العقل أو مقتضى عموم
______________________________________________________
الحكم بعد الفحص عن الدليل ، وهو الذي يشك في المكلّف به ، وهو الذي يكون عنده الدوران بين المحذورين ، وهو الذي يعتبر يقينه السابق وشكه اللاحق في الحكم الكلي ، ولما كانت عامة لجميع ابواب الفقه كانت مما ينبغي ان يبحث عنها في الامور العامة التي يبنى عليها العمل في جميع الفقه ، فلذلك كانت من مسائل الاصول دون الفقه.
واما اخراج القواعد الفقهية عنها كقاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ، وقاعدة الزموهم بما الزموا به انفسهم ، فلأنها ليست مرجعا بعد الفحص واليأس ، بل هي قواعد مجعولة ابتدائية في مواردها ، مضافا الى ما سيذكره في الجواب عن قاعدة الطهارة في كونها ليست عامة ، وانما هي قواعد مختصة بأبواب خاصة ، لو تمّ هذا الجواب عنده.
(١) هذه الجهة الثالثة ، ولا يخفى ان حصر الاصول في هذه الاربعة استقرائي ، لإمكان ان يكون في مقام الشك في اصل التكليف لا يرجع الى البراءة ، بل يكون المرجع الاحتياط أو التخيير ، وكذلك في مقام اليقين السابق والشك اللاحق المرجع البراءة لا الاستصحاب.
واما طريق الحصر في هذه الاربعة فعقلي كما تقدم بيانه في أوّل هذا الكتاب ، وعلى كل فالاصول الاربعة هي : البراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب.