.................................................................................................
______________________________________________________
غاية لها خلف ، لان النهي لا يكون إلّا لما فيه اقتضاء النهي ، ولا غاية للاباحة الظاهرية لان الاباحة الظاهرية لا بد وان يكون غايتها هو العلم بالحكم لا صدور الحكم واقعا ، فتعيّن ان يكون المراد من الاطلاق هو الاباحة اللاحرجية المقابلة للحظر ، لا الاباحة الشرعية الواقعية ولا الاباحة الشرعية الظاهرية.
الثاني : ان الورود يستعمل تارة بمعنى الصدور وهو ورود الشيء في نفسه ، ويصح قطعا ان يقال للحكم الصادر من الشارع انه حكم ورد من الشارع ، وبرهانه انه يصح أن يقال ان الحكم ورد من الشارع واختفى.
واخرى يستعمل بمعنى الوصول وهو ورود الشيء على الشيء ، كقوله تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ)(١) وبهذا المعنى يقال ورد الحكم على المكلّف : أي وصل اليه ، وهذا ما ذكروه في معنى الورود.
والذي اظنه ان الورود ليس بمشترك لفظي في هذين المعنيين ، بل هو موضوع للبلوغ والوصول ، ولكن يراد تارة من وصول الحكم بلوغه الى تحققه وخروجه من العدم الى الوجود ، ولما كان الحكم مما لا بد له من المتعلق فيكون وصوله الى متعلقه مما به يتم وجوده وتحققه ، وبهذا المعنى يكون الوصول مساوقا للصدور حيث كان المتعلق بالنسبة الى الحكم كالمحل بالنسبة الى الحال صار الورود يتعدى اليه بفي ، فيقال ورد في هذا الشيء حكم من نهي أو امر ، وعلى كل فالمراد بالورود حينئذ وصول الحكم الى متعلقه ، ولذلك كان الوصول بهذا المعنى مساوقا للصدور.
واخرى يكون المراد من الورود وصول الشيء الى الشيء ، وبهذا المعنى يقال ورد الحكم على المكلّفين ، وكأنّه اخذ ايضا في معنى الورود الذي يراد منه وصول الشيء الى الشيء ما يساوق الاستعلاء ، ولذلك كان يتعدى بعلى ، فيقال ورد الحكم على المكلف ، ويقال ورد علينا ضيوف ، ويقال وردنا على البلد الفلاني ، وربما
__________________
(١) القصص : الآية ٢٣.