.................................................................................................
______________________________________________________
لا يلاحظ فيه هذا المعنى ، ويراد منه محض وصول الشيء للشيء ، فيقال وردنا البلد الفلاني ، وبهذا اللحاظ جاء قوله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) ، ولعله لما كان موسى عليهالسلام في ذلك الوقت لم يكن نبيا قد كلمه الله وكان شعيب هو النبي الحال في مدين ناسب ان لا يكون لورود موسى استعلاء على المحل الذي فيه نبي مرسل ، مع ان موسى في ذلك الحين لم يكن بمرسل ولم يكلمه الله بعد برسالته ، فلذلك لم يلحظ ما في الورود من الاستعلاء ، وان يكون الغرض منه محض وصوله الى مدين.
وعلى كل ، فقد اتضح من جميع ما ذكرنا انه اذا اريد من الورود في هذه الرواية ما يساوق الصدور فلا يكون غاية الا للاطلاق الذي هو بمعنى الاباحة اللاحرجيّة المقابلة لاصالة الحظر ، وعلى هذا فتكون الرواية اذا اريد منها ذلك غير مرتبطة بما هو المهم المبحوث منه في المقام وهو جعل الاباحة الشرعية للشيء المشكوك حكمه لإخفاء المخفين ، واذا اريد من الورود الوصول الى المكلفين صحّ ان يكون غاية للاطلاق الذي هو بمعنى الاباحة الشرعية ، ولا يخفى انه يتعيّن ايضا ان تكون الاباحة هي الاباحة الظاهرية لانها هي التي ينتهي امد جعلها بالعلم بالنهي ووصوله دون الاباحة الواقعيّة كما مرّ بيانه ، وعلى هذا المعنى الاخير تكون مربوطة بالمقام ودليلا على جعل الاباحة الظاهرية لمشكوك الحرمة.
ثم لا يخفى ان كونها دليلا في المقام لا يكفي فيه إمكان كون المراد من الورود هو وصول الشيء الى الشيء ، بل لا بد له من ظهور في هذا المعنى ، واذا لم يكن له ظهور فيه كانت الرواية المشتملة على لفظ الورود ـ غير الظاهر في المعنى النافع في ما هو المهم ـ من المجملات.
وبعبارة اخرى : انه يكفي النافي لدلالتها في المقام عدم ظهورها في المعنى الثاني ، ولا يحتاج الى كونها ظاهرة في المعنى الاول ، لكفاية الاجمال فيها وترددها بين المعنيين لئلا تكون حجة في الاباحة الشرعية لمشكوك الحرمة ، ولذا قال (قدسسره) : «ودلالته تتوقف» أي دلالة قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) على