.................................................................................................
______________________________________________________
جلّ القائلين بالاحتياط في الشبهة التحريمية يقولون بالترخيص والأمن في الشبهة الوجوبيّة ، مع ان نفس القول بوجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية هو ايضا من القول بغير العلم.
ورابعا : انه بعد دلالة الادلة عقلا وشرعا على الأمن من استحقاق العقاب وعلى الاباحة الشرعية لا يكون القول بها من القول بغير العلم.
الطائفة الثانية هي الآيات الناهية عن الإلقاء في التهلكة كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١) وطريق الاستدلال بها ان الظاهر من هذه الطائفة هو ما يعم التهلكة المعلومة والتهلكة المحتملة ، لان الظاهر من الالقاء في التهلكة هو التعرّض للتهلكة ، ولا ريب في اقتحام التهلكة المحتملة من التعرّض للتهلكة ، ولا ريب ايضا ان محتمل الحرمة محتمل التهلكة ، فالاقتحام فيه اقتحام في التهلكة المحتملة وهو من التعرّض للتهلكة وقد دلّت هذه الطائفة على النهي عنه.
والجواب عنه اولا : منع كون محتمل الحرمة من محتمل التهلكة اذا كان المراد من التهلكة هي العقاب الاخروي ، لما دلّ من الادلة نقلا وعقلا على عدم العقاب في محتمل الحرمة ، فتكون تلك الادلة رافعة للموضوع في هذه الادلة الناهية عن الالقاء في التهلكة ، لوضوح ان موضوع النهي فيها هو التعرّض للتهلكة ، وبعد قيام الدليل على عدم العقاب في محتمل الحرمة ، فتكون التهلكة فيه مقطوعا بعدمها لا محتملة ، فلا موضوع لها.
وثانيا : انه لا يعقل ان يكون المراد من التهلكة في هذه الآيات الناهية عنها هو العقاب ، لان المستفاد منها حكم لموضوع ، والحكم فيها هو النهي والموضوع له هو التهلكة ، ومن الواضح انه لا بد من فرض تحقق الموضوع ليلحقه الحكم ، ولما كان الموضوع لهذا النهي هو التهلكة فلا بد من فرض تحقق التهلكة لان تكون منهيا عنها ،
__________________
(١) البقرة : الآية ١٩٥.