.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى هذا فلا يعقل ان يكون المراد بالتهلكة هو العقاب ، لان النهي اللاحق للتهلكة اما ان يكون نفسيا او طريقيا او ارشاديا ، ولا يعقل ان يكون نفسيا ولا طريقيا ولا ارشاديا اذا كان المراد من التهلكة هي العقاب ، لان لازم كون النهي نفسيا فيها تحقق عقابين على مرتكب محتمل الحرمة ، العقاب على مخالفة النهي النفسي ، والعقاب المفروض كونه موضوعا لهذا النهي ، ولا يصح الالتزام بعقابين لمرتكب محتمل الحرمة.
ولا يعقل ان يكون النهي طريقيا ايضا ، لان معنى كونه طريقيا كونه منجزا لما قام عليه ، وفرض تحقق
العقاب الذي هو الموضوع فرض تنجزه ايضا ، ومن الواضح ان المنجّز لا ينجّز ، فمع كون فرض العقاب منجزا لا يعقل ان يكون النهي الطريقي منجزا له ايضا.
وكذلك فيما اذا كان النهي ارشاديا فان لازم فرض تحقق الموضوع وكون النهي ارشادا اليه هو كون العقاب منجزا بغير هذه الآيات لتكون هذه الآيات مرشدة الى تنجزه ، لان تنجزه بنفس هذه الآيات غير معقول لعدم معقولية كون الارشاد فيه ارشادا الى نفسه ، وكونه هو المنجّز لازم كون ارشاده ارشادا الى نفسه.
هذا كله اذا كان المراد من التهلكة في هذه الآيات هي العقاب الاخروي ، واما اذا كان المراد من التهلكة فيها هي التهلكة الدنيوية : أي المفسدة ، فالجواب عنها ما مرّ في الجواب عن قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، فيما اذا كان المراد هو ضرر غير العقوبة الاخروية من المفسدة او ترك المصلحة فراجع.
ويظهر من المصنف ان مبنى استدلال القائلين بدلالة هذه الآيات على النهي عن الاقتحام في محتمل الحرمة هي التهلكة الاخروية والعقاب الاخروي ، لعدم اشارته الى الجواب عنها فيما اذا كان المراد بها هي التهلكة الدنيوية.