.................................................................................................
______________________________________________________
واما الآيات الآمرة بالتقوى فالوجه في الاستدلال بها هو ان هذه الطائفة من الآيات كقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(١) وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(٢) وقوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ)(٣) قد دلّت على الامر بالتقوى لله حق التقوى وبمقدار المستطاع منها وبالجهاد حق الجهاد ، فهي تدل على لزوم التورّع في اوامر الله ، ومن الواضح ان الاقتحام في محتمل الحرمة مناف للتورّع ، وليس من التقوى لله حق تقاته ولا الجهاد له ـ عزوجل ـ بقدر المستطاع.
والجواب عنه اولا : ان الظاهر من الامر في هذه الآيات الآمرة بالتقوى هو الامر الاستحبابي ، لوضوح شمول التقوى الى محتمل الوجوب والكراهة والاستحباب ، ولذا استدل بها الشهيد في الذكرى على استحباب اعادة ما ادى من الصلاة اذا احتمل انه اخلّ بشيء من اجزائها او شرائطها.
وثانيا : ان المراد من التقوى المأمور بها ، اما هي التورّع عن العقاب المقطوع والمحتمل ، وعلى هذا فلا تكون شاملة للمقام ، لان مورد الشبهة التحريمة العقاب فيها مقطوع العدم بواسطة ما دلّ على عدم العقاب فيها شرعا وعقلا ، وينحصر مورد العقاب المحتمل في المنجّز بالعلم الاجمالي في مقام الارتكاب لاحد اطرافه ، وفي المنجّز بالخبر الواحد فيما اذا قلنا بالطريقية فيه.
واما ان يكون المراد بها هو التورع عن محتمل الوجوب والحرمة ، ولا بد وان يكون الامر استحبابا لما عرفت من شموله للمكروه والمستحب ، وقد اشار (قدسسره) الى هذه الطوائف الثلاث بقوله : «اما الكتاب فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم» كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٤) «و» بالآيات الناهية «عن الالقاء في التهلكة» كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٥) وبالآيات «الآمرة بالتقوى» كقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(٦)
__________________
(١) آل عمران : الآية ١٠٢.
(٢) التغابن : الآية ١٦.
(٣) الحج : الآية ٧٨.
(٤) الاسراء : الآية ٣٦.
(٥) البقرة : الآية ١٩٥.
(٦) آل عمران : الآية ١٠٢.