وثانيا : إنه تثبت الاباحة شرعا ، لما عرفت من عدم صلاحية ما دل على التوقف أو الاحتياط ، للمعارضة لما دلّ عليها (١).
وثالثا : أنه لا يستلزم القول بالوقف في تلك المسألة ، للقول بالاحتياط في هذه المسألة ، لاحتمال أن يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان (٢) ، وما قيل من أن الاقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالاقدام
______________________________________________________
بدون اذنه ، اما مولى الموالى فمن الواضح انه عين الغنى وعدم الحاجة ، فلا يعقل ان يكون له غرض عائد الى ذاته جلّ وعلا عن ذلك في افعال العباد ، فلا يكون التصرّف من العبد من احتمال التصرف في غرض المولى ، وانما اوامره ونواهيه تابعة لمصالح اما نوعية او شخصية عائدة الى عباده دون ذاته تعالى شانه ، ولما كان من اللطف ايصال العباد الى ما فيه مصالحهم ، فلا بد ان يكون عدم وصول ذلك اليهم لمانع يمنع عن فعلية هذا الاقتضاء من اللطف ، فالعقل يحكم بان الافعال قبل ورود الحكم فيها من الشارع لا تأثير للمصالح ولا المفاسد فيها على نحو اللزوم ، فالافعال مباحة حقيقة عقلا لعدم تأثير ما فيه الاقتضاء للحكم فيها ، ومع كونها كذلك عند العقل فلا يكون التصرّف من العبد خروجا عن زي الرقية ولا رسم العبوديّة.
(١) حاصل هذا الجواب الثاني : هو منع المقدمة الثانية وان دليل الاباحة الشرعية غير ساقط بالمعارضة بأدلة الاحتياط ، لما عرفت من عدم تمامية دلالتها على لزوم الاحتياط ولا على لزوم التوقف ، فلو فرضنا ان الاصل العقلي الاولى هو ما ذكر من لزوم الاحتياط او التوقف قبل ورود الحكم من الشارع ، ولكن بعد ورود الاذن والترخيص من الشارع يسقط تأثير هذا الاصل من أصله ، وعبارة المتن واضحة ، والضمير في قوله : «لما دل عليها» راجع الى الاباحة شرعا.
(٢) حاصل هذا الجواب الثالث هو : انه لا وجه للاستدلال على لزوم الاحتياط أو التوقف في المقام بلزوم الاحتياط او التوقف في مسألة الحظر فانهما مسألتان في موضوعين مختلفين ، فان الموضوع في مسألة الحظر هو الافعال بفرض عدم ورود