.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيا : لو قلنا بمساوقة مرتبة التنجز لمرتبة الفعلية ، او بان مرتبة التنجز ليست من مراتب الحكم بل هي امر انتزاعي يتنزع من بلوغ الحكم للمرتبة الفعلية ، وانه اذا بلغ الحكم مرتبة الفعليّة يحكم العقل بلزوم اطاعته وحرمة مخالفته ومنها ينتزع التنجز.
ولكنه مع ذلك نقول بلزوم المقدمة الثالثة لان مقدمات الانسداد لا بد وان تكون مطردة على جميع المحتملات ، وحيث ان كون التكاليف فعلية في المقام لا تستوجب التنجز على جميع الآراء ، لانه من يقول بعدم امكان التفكيك بين عدم وجوب الموافقة القطعية وبين عدم حرمة المخالفة القطعية ، فالتكاليف على هذا الرأي وان كانت فعلية إلّا انها لا تكون منجزة لعدم امكان الامتثال التفصيلي او لحرجيّته ، فالموافقة القطعية غير واجبة قطعا اما لعدم امكانها او لحرجيتها ، واذا لم تجب الموافقة القطعية لا تحرم المخالفة القطعية ، فلا يكون العلم الاجمالي بثبوت التكاليف الفعلية موجبا لتنجزها ، فنحتاج الى تنجزها وهو انما يثبت بواسطة المقدمة الثالثة وهي قيام الاجماع او الضرورة على عدم جواز الاهمال.
وقد يقال : بانه لا داعي الى الجوابين المذكورين ، فان الحاجة الى المقدمة الثالثة انما هو لان محض العلم الاجمالي بتكاليف لا علم بعناوينها مع انسداد باب العلم والعلمي اليها يوجب عدم فعليتها ، لان الفعلية لا تكون إلّا بالوصول ، وحيث لا وصول لها لانسداد باب العلم والعلمي فلا فعلية لها ، فلا بد من المقدمة الثالثة لانه بها تتم فعلية العلم الاجمالي المنسد باب العلم والعلمي بسبب قيام الضرورة والاجماع على عدم جواز الاهمال ، والله العالم.
وقد تبيّن مما ذكرنا : ان المقدمات خمس لا أربع كما ادعي ، ولذا قال (قدسسره) : «وهي خمس» كما ذكرها (قدسسره).
قوله (قدسسره) : «بل لا يجوز في الجملة ... الخ» وذلك فيما كان الاحتياط موجبا لاختلال النظام.