يصير مورداً للفتوى الثّانية ، فما وقع لا يرد عليه البطلان ، فلم لا يترتّب عليه أثره؟ ...
إلى أن قال : بل يدلّ على بقائه استصحاب الاستتباع ، لأنّا نقطع بترتيب هذه الآثار على ذلك العمل في السّابق ، كحلّية البضع ، ووجوب الانفاق ، والتّمكين ، وغير ذلك ممّا يترتّب سابقاً على النّكاح بدون إذن الوليّ بمقتضى الاجتهاد الأوّل ، ويشكّ في أنّ تجدّد الرّأى يزيل الاستتباع المذكور أم لا ، والأصل عدمه ، بل يدلّ عليه استصحاب نفس الأثر أيضاً كالزّوجيّة في الشاكّ.
فإن قلت : إنّ أثر عقد البكر (١) بدون إذن الوليّ حال اعتقاد جوازه الآثار المذكورة ما دام باقياً على الاعتقاد ، فكيف يحكم بثبوتها مع زوال الاعتقاد الّذي هو بمنزلة الموضوع لها؟ قلت : إنّ هنا أمرين : أحدهما : كون العقد المذكور كلّما وقع سبباً للزّوجيّة الدّائمة.
ثانيهما : سببيّة العقد الواقع حال ظنّ جوازه للزّوجيّة الدّائمة.
والأوّل مقيّد بحال بقاء الظّنّ بكونه سبباً دون الثّانى ، لأن مظنونه حين إيقاعه كونه سبباً للزّوجيّة المستمرّة ، وظنّه حجّة عليه حينئذ في حقّه ، ولازمه ترتيب الزّوجيّة المستمرّة ، وإلّا لزم أن لا يكون ظنّه حجّة عليه ، وهو خلفٌ باطل ؛ فبعد الشّكّ يستصحب هذا كلّه في الأفعال الجزئيّة المتحقّقة في حال الرّأى الأوّل ، من الأسباب والشّروط والموانع ممّا كان تأثيره وعدم تأثيره بالنّسبة إلى شخص خاصّ أو أشخاص معيّنين ، من غير تجاوز عنه أصلاً ، كالعقود والايقاعات وأسباب شغل الذّمّة وأمثالها ، فإنّ العقد الواقع على امرأة إنّما يصير سبباً لحلّيتها على الزّوج المعيّن من غير مدخليّة غيره أصلاً.
وأمّا ما ليس كذلك ، كغسل الثّوب المعيّن من البول مرّة ، فإنّه يصير سبباً لطهارة هذا الثّوب لكلّ من يرى الاكتفاء به مرّة ، وغير مؤثّر في حقّ من لا يراه كذلك ، وكذا
__________________
(١) في النسخة : الباكرة.