الاجماع المذكور وخصوصاً ما تقدّم من التذكرة فيتجّه التعليل بأنّ معنى استعمالها في الوضوء ذلك.
ولعلّه من هنا يمكن الفرق بين الإناء المغصوب وبين ما نحن فيه وإن ساوى بينهما العلامتان المذكوران في الفساد كما إنّ غيرهما ساوى بينهما في عدمه.
وإن كان التحقيق الفرق على ما عرفت فيحكم بصحّة الوضوء منه دونه لعدم النهي في شيء من الادلّة ، عن استعماله في الوضوء ، أو الانتفاع به فيه ، أو عن الوضوء فيه ليتم ذلك فيه ، بل ليس إلّا حرمة التصرّف في مال الغير ، المعلومة عقلاً ونقلاً وليس من التصرّف في الإناء مثلاً ، غسل الوجه بالماء المملوك المنتزع من الاناء المغصوب قطعاً وإن صدق استعمال الإناء في الوضوء لكن ذلك لا يقتضي فساداً بدون نهي عنه ، فهو حينئذٍ كسقف البيت وسور الدار المغصوبين. إلَّا أن الاحتياط لا ينبغى تركه انتهى كلامه» (١).
والإنصاف أنّه أجاد فيما أفاد من الفرق بين الغصب والمقام ، وبيان عنوان المحرّم الموضوع للحكم الشرعي فيهما ، وقد اسمعناك في طيّ ما مهدنا لك من الامور ما يرجع إلى تصديق ما افاده قدسسره من التفرقة بين المسألتين وهذا هو الحقّ الذى لا محيص عنه.
وحاصل وجهه أنّ العنوان المحرّم في الوضوء والغسل من الإناء ، الذهب مثلاً بعد تسرية الحكم إلى غير الأكل والشرب من الافعال ما يصدق عليهما بحكم العرف من الاستعمال ، أو ما يعمّه من الانتفاع ، كما انّه العنوان الاوّلي في حرمة الأكل والشرب منه على ما عرفت في طيّ ما قدّمنا لك من الامور. وهذا بخلاف الوضوء من الإناء المغصوب فإنّ عنوان الحرمة فيه ، التصرّف ، الغير صادق إلّا على نفس الاغتراف من الإناء الذي هو مقدّمة توصّليّة للوضوء ، فإذا كان له إناء غير المغصوب ، كما هو المفروض ، فلا مانع من أمر الشارع قطعاً. وإن توصل المكلّف في إطاعته بفعل المحرّم فهو نظير التوصّل بفعل الحج من الطريق المحرّم مع وجود الطريق المباح ، فالمقام على
__________________
(١) جواهر الكلام ٦ : ٣٣٢ ٣٣٤.