الدول الاسلاميّة عامةً ، وايران الشيعية خاصّة ، وكان قد استعدّ هذا المعتدي للاستيلاء عليها. وفي مثل هذه الظروف ، كان لا بدّ من وحدة قيادَة الشيعة ، وكان تلامذة الشيخ الأنصاري الذين قد وصلوا إلى مستوى المرجعيّة والتقليد ليسوا بقليلين ، غير أنّ بعضهم كان أكثر معروفيّةً وأشهراً من الآخرين ، وكان الميرزا الآشتياني يعُدُّ من هؤلاءِ. بيدَ أنّ جميعهم كانوا يَعون حساسية الظروف ، لذلك قرّروا عقد اجتماع مشترك لدراسة موضوعِ زعامة الشيعة. وقد تمخضَ هذا الاجتماع عن انتخاب الميرزا الشيرازي لهذا المنصب المهمّ. وهذا ينبوءُ عن إخلاص وتواضع هؤلاء العظام ، معلنين في نفس الوقت عن تكاتفهم واتّحادهم والتعاون مع مرجعية الميرزا الشيرازي. وبعد مُضي عامّ وحينما شعر الميرزا الآشتياني أنّ حضوره في إيران أكثر فائدةً وأثراً ، قصد طهران لأداء مسئوليته الشرعيّة.
٢. الحادثة الاخرى ، التي كان للميرزا الآشتياني دور بارز منها هي قضيّة منح ناصر الدين شاه القاجار ، امتياز حصر شراء وبيع التبغ والتنباك للإنجليز في سنة ١٣٠٧ ه. ق والتي تمّ إلغائها في سنة ١٣٠٩ ه. ق بفضل مقاومة العلماء خاصّةً الميرزا الآشتياني. وكان سماحتُه يحاول في البداية من خلال إرسال الرسائل إلى رئيس الوزراء وناصر الدين شاه نفسه والتفاوض معها وبيان الآثار السلبية لهذه القضيّة إلغاء حفده المنحة. بيد انّ الشاه وأعوانه لم يكونوا مستعدين تقديم مصالح الامّةِ على مصالحهم الخاصة ، ولم يعطوا اذناً صاغيّةً لهذه النصائح ، بل ازدادوا تعنتاً وعناداً ، مما ادىّ ذلك إلى انتقاضة شعبية دعماً لموقف المرجعية الرشيدة. واسفرت الأحداث ، إلى أن يصدر الميرزا الشيرازي وباحتمال قويّ ، بإشارةٍ من الميرزا الآشتياني حكمه الشهير القائل : «بسم الله الرّحمن الرّحيم ، اليوم استعمال التبغ والتنباك بأيّ نحو كان ، في حكم محاربة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه».
وبصدور هذا الحكم ارتفعت وتيرة الانتفاضة ضد هذه المنحة المُذِّلة وأخذ الناس يكسرون النارجيلات وآلات استعمال التبغ والتنباك وصارت هناك تلال في الشوارع من النارجيلات ، واضرمت النيران فيها.