لأنّا نقول : الالتزام بتخصيص قاعدة نفي الضّرر بمخصّص خارجيّ ، فيما لو أقدم المكلّف على الضّرر من جهة علمه بالغبن ، أو العيب ، بحيث لولاه ، قيل بثبوت الخيار مع العلم أيضاً ، كما ترى ، لانحصار ما يتوهم كونه مخصّصاً ، بقاعدة السّلطنة على الأموال وهي كسائر أدلة الأحكام محكومة بقاعدة نفي الضّرر.
هذا مع أنّه لا معنى للقول بحرمة الإقدام على الفعل الحرجيّ ، فالسّلطنة ثابتة بالنّسبة إلى الأبدان أيضاً ما لم يوجب الإضرار عليها ، فليس الدّليل إلّا ما قضي بعمومه بوجوب الوفاء بالعقد بعد ملاحظة انحصار مفاد دليل نفي الضّرر.
هذا بعض الكلام في هذا الامر ، والإنصاف أنّ المسألة غير نقيّة عن الإشكال ، وإن كان الأرجح في النّظر عاجلاً ، هو القول الأوّل.
العاشر إنّه لو وقع التعارض بين قاعدتي نفي الضّرر ، والحرج ، كما إذا فرض كون تصرّف المالك مضرّاً بجاره ، ومنعه حرجاً وضيقاً في حقّه ، فهل يرجّح إحدى القاعدتين على الاخرى ، أو يحكم بعدم الترجيح وإجمال القاعدتين ، والرجوع إلى قاعدة أخرى محكومة بالنّسبة إليهما ، على فرض سلامتهما ، كقاعدة السلطنة في الفرض المزبور؟
وجهان :
أوجههما الثّاني : نظراً إلى مساواتهما في المرتبة وكون كلّ منهما حاكماً على عمومات أدلّة التّكاليف ومقدّم عليها بالذّات ، من غير أن يكون لأحديهما تقدّم على الاخرى بحسب المفاد والمدلول.
هذا آخر ما أردنا إيراده فيما يتعلّق بقاعدة نفي الحرج حسب الوسع ومساعدة التّوفيق ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وله الشّكر دائماً ، والصّلاة على نبيّه وآله الطّاهرين أبداً سرمداً ، وقد فرغنا ممّا أوردناه في العاشر من شوّال ، من سنة ثالث عشر بعد الالف وثلاثمائة ، مضت من الهجرة النّبويّة على مهاجرها وآله الف سلام وتحيّة.