والعبودية عند قراءة قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وطلب هداية الصّراط المستقيم عند قراءة قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
وما ورد في جملة من الأخبار ، من أنّ فاتحة الكتاب نصفها لله تعالى ونصفها للعبد ، إلى غير ذلك ، فإنّ المراد منها إرادة معنى القضايا المذكورة في النّفس ، لا باستعمال اللّفظ فيها.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر ، الفرق بين قراءة القرآن والدّعاء والزّيارة ، فإنّ ما ورد من الائمّة عليهمالسلام في باب الدّعاء والزّيارات من الأخبار ، إنّما هو في بيان تلقين كيفيّة الدّعاء مطلقاً ، أو في الأوقات المخصوصة أو الزّيارة مطلقاً ، أو في الأوقات المخصوصة ، وليس الغرض منها وقراءة ما قرأه الإمام بعنوان الحكاية ، فهو نظير بيان العالم صيغ العقود والإيقاعات للجاهل بها.
وبالجملة قد يتعلّق الامر بقراءة كلام الغير وحكايته وقد يتعلّق بإنشاء المعاني بألفاظ مخصوصة ، وامتثال الأمر مع الاوّل لا يمكن بإنشاء المعنى من اللّفظ وإرادته منه ، كما إنّ امتثال الثّاني لا يمكن بالحكاية ، فهذا كلّه يكشف ، عن استحالة كون الشّخص قارئاً لكلام الغير وداعياً به ، والأمر بقراءة القرآن من قبيل الاوّل ، وما ورد في بيان الزّيارات من قبيل الثّاني.
ولأجل ما ذكرنا ادّعى بعض مشايخنا المتأخّرين ، الضّرورة في تنافي القراءة وقصد المعنى من اللّفظ ، ومن هنا نحكم بصحّة الصّلاة فيما إذا أراد معنى إحدى التّسليمات من ألفاظها من دون أن يقصد منها الحكايات ، فإنّا فهمنا من الدّليل ، إنّ المطلوب فيها ليس خصوص وجودها الحكايتي وهذا بخلاف قراءة الفاتحة والتّوحيد مثلاً ، فانّ المطلوب في القراءة هو وجودها الحكايتي لا الادعائي.
هذا ثمّ انّه استدلّ ثاني الشّهيدين في الرّوضة (١) على ذلك بدليل آخر ، وهو استلزام
__________________
الأنوار ٨٩ : ٢٢٦ و ١١٠ : ٢٦٣.
(١) اللمعة الدمشقية ١ : ١٢٧ ، تروك الصلاة.