وهذا بخلاف ما يكون مبناه على الطريقية كالأمارات المعتبرة الحكمية والموضوعية والفتوى ، فإنّه لا يمكن شمول دليل اعتباره ولو كان له عموم للمتعارضين المختلفين منه ضرورة ارتفاع مناط الاعتبار عنه عند الاختلاف والتعارض ، بل الأمر كذلك عند التحقيق على القول بالسببية المحضة في الأمارات حتّى على القول بالتصويب ، فضلاً عن التخطئة لعدم تصوّر التزاحم بالنسبة إلى المتعارضين حتّى يقال بكون مقتضى القاعدة الحكم بالتخيير بينهما فيما لم يكن أحدهما أهم لا التوقف والتساقط بالنسبة إلى مورد التعارض ، هذا. وإن أردت الوقوف على شرح القول في ذلك ودليله فارجع إلى ما علّقناه على ما أملاه شيخنا العلّامة قدسسره في مسألة تعارض الأدلّة.
فعلى هذا لا فرق بين الفاضل والمفضول في سقوط الاعتبار في باب التقليد عند اختلافهما في المسألة. فالقائل بالتخيير بينهما يحتاج إلى الدليل عليه كالقائل بالترجيح من غير فرق بينهما.
نعم ، لو فرض هناك دليل على الحجيّة الفعلية ولم يكن له إطلاق ودلالة على التخيير كالإجماع ، كان المتيقّن منه اعتبار رأي الفاضل فيرجع بالنسبة إلى رأي المفضول إلى أصالة عدم الحجيّة ، فيكون مقتضى الأصل على التقدير المزبور الترجيح.
ومن هنا حكموا وحكمنا بأنّ مقتضى الأصل لزوم تقليد الأعلم والأعدل عند اختلاف المجتهدين في الرأي وعدم ورود عمومات أدلّة التقليد أو إطلاقاتها عليه.
وهذا بخلاف المقام ، فإنّ عموم دليل النصب على ما أسمعناك عن قريب يمنع من الرجوع إلى الأصل بالنسبة إلى قضاء المفضول ، ومن هنا حكمنا بمغايرة البابين ، خلافاً لشيخنا المقدّم ذكره قدسسره (١).
إذا عرفت ما ذكرنا لك من المقدّمة المشتملة على ما سمعت من الأمور فاستمع لما يتلى عليك من الكلام في المسألة ، فنقول : إنّ الكلام في المسألة قد يقع في الشبهات
__________________
(١) راجع جواهر الكلام : ٤٠ / ٤٢ ٤٣.