تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفسّاق. اجعلوا بينكم رجلاً ممّن قد عرف حلالنا وحرامنا فإنّي قد جعلته قاضياً. وإيّاكم أن يتحاكم (١) بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر» (٢).
ومنها : ما عن داود بن الحصين : «في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه اختلاف [خلاف] فرضيا بالعدلين ، واختلف العدلان بينهما ، عن [على] قول أيّهما يمضي الحكم؟ فقال عليهالسلام : ينظر إلى أفقههما ، وأعلمهما بأحاديثنا ، وأورعهما ، فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر» (٣).
ومنها : ما عن النميري عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : سئل عن رجل تكون بينه وبين أخ له منازعة في حقّ فيتّفقان على رجلين يكونان بينهما حكما فاختلفا فيما حكما.
قال عليهالسلام : وكيف يختلفان؟ قلت : حكم كلّ واحد منهما للذي اختاره من الخصمين.
فقال عليهالسلام : ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيقضى حكمه» (٤) إلى غير ذلك من الروايات.
ثمّ إنّه لا تأمّل ولا إشكال في دلالتها على نصب كلّ من كان من الإمامية فقيهاً عدلاً للقضاء بين النّاس إلى يوم انقضاء التكليف ، سواء كان في أزمنة حضورهم عليهمالسلام أو غيبتهم ، فإنّ لهم صلوات الله عليهم ذلك. وهذا معنى قولهم : إعطاء الولاية يشبه إعطاء ولاية الوصاية فلا يرتفع برحلة الإمام عليهالسلام كما أنّ لهم عليهمالسلام الإذن والتوكيل في القضاء لشخص أو أشخاص معيّنة فينعزلون بموت الإمام عليهالسلام كما هو الشأن في كلّ ما كان علّته حدوثاً وبقاء الإذن. ومن هنا قالوا : إذا مات الإمام عليهالسلام انعزل القضاة أجمع ، فمرادهم القضاة المأذونون للقضاء لا المنصوبون.
كما أنّه لا إشكال في دلالتها على نصب كلّ من الفاضل والمفضول عند عدم
__________________
(١) يخاصم ، خ ل.
(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠٣ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٣٩.
(٣) كتاب من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٨ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١١٣.
(٤) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٢٣. مع اختلاف يسير.