كذلك فيما علم الاختلاف بينه وبين الفاضل في الشبهة الحكمية مع التمكن من رفع الأمر إلى الفاضل من دون حرج أوّل الدعوى.
الرابع : نصب النبي صلىاللهعليهوآله أو الوصي عليهالسلام للمفضول أو إذنه في القضاء ، مع وجود الفاضل ، فإنّه أمر لا يرتاب فيه ولا ينكره أحد. ومنه إذن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لغير أمير المؤمنين عليهالسلام من الصّحابة في القضاء مع كونه عليهالسلام أفضل من جميعهم باتفاق الأمّة ، فيدلّ على التسوية بينهما. والاعتذار عنه بأنّ خلله في زمان الحضور كان ينجبر بنظر الإمام عليهالسلام كما اعتذر عنه به غير واحد ، ربما يتوجّه عليه بما في كلام غير واحد ، منهم شيخنا الأفقه في شرحه بأنّه : «إنّما يتمّ مع قربه منه عليهالسلام واطّلاعه عليهالسلام على أحكامه ، لا مع بعده عنه ، على وجه لا يعلم شيئاً من وقائعه» (١). وإن نوقش فيه بأنّه أجنبي عن كلام المعتذر ، حيث إنّ مراده ليس الانجبار في القضايا الشخصية من حيث صدور الخطأ منه فيكون معتصماً بنظر الإمام عليهالسلام ، بل الانجبار الكلّي والتأييد منه عليهالسلام للمأذون بحيث يكافؤ شدّة الملكة للفاضل. وهذا لا تعلّق له بقربه من الإمام عليهالسلام واطلاعه عليهالسلام على وقائعه ، ضرورة عدم الفرق بين الحالات في هذا المعنى.
هذا ، مضافاً إلى أنّ الاعتراض المذكور راجع إلى جهل الإمام عليهالسلام بما يصدر عن رعيّته إذا لم يكن بمسمع ومحضر منه تعالى شأنه عن ذلك وهو خازن علم الله تبارك وتعالى ومحلّ مشيته ، بل الّذي فوّض أمره إليه صلوات الله وسلامه عليه.
الخامس : لزوم العسر من تشخيص الأعلم ، حيث إنّ الملكة مقولة بالتشكيك في القوة والضعف بحيث يصعب تمييز مراتبها مع الاختلاف مع تقارب اللاحق. نعم ، فيما كان الاختلاف في المرتبة بيّناً واضحاً يسهل تشخيص الحال ، هذا. وفيه ما لا يخفى فإنّ تشخيص الفضل وإن كان أصعب عند المنصف من تشخيص أصل الاجتهاد ، سيّما مع تقارب اللاحق ، إلَّا أنّه ليس بحيث يبلغ مرتبة الحرج الشديد الرافع للتكليف على الإطلاق.
__________________
(١) جواهر الكلام : ٤٠ / ٤٣.