وبالجملة : عموم (على اليد) محكم. فإن كان الاجماع تعبديا خصصت به. وإن كان مدركيا فالعموم محكم. ويتوقف استيضاح ذلك على ملاحظة فتاوي القدماء فإن كانت عارية عن التعليل كان هذا الاجماع حجة ، تعبدا لكشفه ، وإلا كان مدركيا ، وفقنا الله لذلك.
ويمكن الاستدلال لعدم الضمان في صورة علم المالك بالفساد وجهل القابض به ، بأن القابض تسلم مالا مأذونا بالتصرف فيه باعتقاده ، والمالك سلطه عليه ، مع علمه بأنه لا يملكه.
وأجاب عنه الاستاذ الحكيم دامت بركاته في الدرس ، بأن هذا مبني على اختلاف سنخ الملكية العرفية والشرعية ، لأن اقدامه على تسليمه له ، كان مبنيا على أنه ملك له بنظر أهل العرف ، الذين لا يبالون بالصحة والفساد شرعا ، كما هو الحال بالنسبة للمسلم الذي يشتري الخمر من مستحله ، بل وممن لا يستحله ، لأنه في هذا الحال يرى الثمن ملكا للبائع.
وأما بناء على وحدتهما ، فإنه يكون قد أذن له على تقدير كونه ملكا له ، واقعا ، وبعد انكشاف العدم لا يكون مأذونا لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه فإنه بعد البناء على وحدة الملكيتين تكون العرفية منتفية بانتفاء الشرعية ، لأننا فرضنا وحدتهما سنخا ، وحينئذ يضمن ، وإن كان جاهلا بالفساد لليد. وقال وكذلك الحال إذا كان التشريع في السبب.
والتحقيق : إن ما أفاده ، مد ظله ، وإن كان دقيقا ، إلا أنه لا يجدي إلا بعد أخذ الملكية الواقعية على نحو الحيثية التقييدية لا التعليلية ، وهو غير معلوم ، بل يحتمل الأمرين. فالأولى الجواب بما قدمناه ، وهو ما أفاده شيخ مشايخنا النائيني رحمهالله ، وهو أن مسقط الضمان هو الاذن المجاني بالتصرف ، وهو منتف هنا ، لأن العلم بالفساد الشرعي ليس إذنا مجانيا بعد كون العوض مما يتمول شرعا. نعم في مثل البيع بلا ثمن ، أو في الخنفساء ، يكون إذنا مجانيا بالضرورة ، انتهى