ومن الواضح إن مأخذ حكم الفاسد من البيع والاجارة أو الهبة والعارية ، هو أسباب الضمان ومسقطاته ، فإنه ليس ثمة أدلة خاصة. وحينئذ فليس للعنوان خصوصية بالضرورة.
إذا عرفت هذا ، فمقتضى عموم (على اليد) وقاعدة الاحترام وغيرهما من أسباب الضمان ، هو الأول. ومقتضى الاقدام على المجانية المستلزم لطيب النفس هو الثاني.
والاقدام ليس مطردا ، فإن البيع لا ضمان فيه على المشتري قبل القبض ، مع إنهما أقدما على أن يكون مضمونا مطلقا بعد القبض وقبله.
ودعوى انفساخ البيع بالتلف قبل القبض مجرد توجيه لقاعدة تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ، محافظة على تطبيق النص على القواعد الأولية. وليس منعكسا أيضا ، فإن البيع بلا ثمن والاجارة بلا أجرة قيل ببطلانهما .. وعلى تقدير بطلانهما ، من جهة عدم ذكر الثمن والأجرة ، أو من جهة فقد شرط من شروط الصحة ، فقد قيل بثبوت الضمان حينئذ ، كما عن العلامة والشهيد الثاني ، مع إنهما أقدما على عدم الضمان. والنقض الأول يرد على الموجبة ، والنقض الثاني يرد على السالبة ، فتدبر ..
والمدار في إسقاط الضمان الاذن المطلق في الاتلاف والاستيفاء والتفويت. فإن أحرزناه فلا ضمان ، وإلا فالضمان متعين عملا بعموم أدلة الضمان. ومع التداعي فالقول قول البائع والمؤجر ، لأصالة حرمة المال ولعموم قاعدة على اليد (١).
وأما دعوى الاذن ، فالأصل عدمها. ولا يخفى إن هذه المسألة غير مسألة دعوى صاحب المال إنه باع ، ودعوى القابض أنه وهب ، فإنها غيرها (٢) ، وحكمها مبني على كون المدار في تشخيص المدعي والمنكر ، على تحرير الدعوى وتصويرها ، فيكونان متداعيين ، أو على الغاية منها ، فيكونان مدعيا ومنكرا.
__________________
(١) ولا مجال لأصل البراءة لكونه محكوما للقاعدة.
(٢) لأنهما متفقان على ملكية القابض ويختلفان في كونه مشغول الذمة بالعوض.