أمرين ، أحدهما وجودي والآخر عدمي ، كوجوب التحيض للخمسين على المرأة غير القرشية.
فإذا شكت امرأة في أنها من قريش لتتحيض للستين ، أو من غيرهم لتتحيض للخمسين قلنا هذه امرأة بالوجدان ، والأصل عدم انتسابها لقريش ، وبذلك نكون أحرزنا موضوع وجوب التحيض للخمسين ، لأن الحكم المذكور علق في النصوص على المرأة التي لم تنتسب لقريش ؛ وهذه امرأة بالوجدان ، وغير منتسبة لقريش بمقتضى الأصل.
إن قلت : أصالة عدم انتسابها لقريش معارض بأصالة عدم انتسابها لغير قريش.
قلت : لا معارضة بين هذين الأصلين ، لأن الأول حجة والثاني ليس حجة ، وغير الحجة لا يعارض ما هو حجة.
بيان ذلك : هو أن موضوع التحيض للخمسين هو المرأة غير القرشية ، وهذه امرأة بالوجدان ، وغير قرشية بمقتضى الأصل كما قلنا ، ووجوب التحيض للخمسين مترتب عليه بلا واسطة ، فهو استصحاب شرعي جامع لجميع الشرائط المعتبرة فيه.
وأما : موضوع التحيض للستين فإنه مركب من أمرين وجوديين وهما المرأة المنتسبة لقريش ، وأصالة عدم انتسابها لغير قريش ، ليس هو جزء الموضوع في القضية الشرعية.
نعم : لازم عدم انتسابها لغير قريش عقلا هو انتسابها لقريش لأنه لا ثالث لهما وهذا اللازم ليس حكما شرعيا. نعم هو موضوع للحكم الشرعي ، أعني وجوب التحيض للستين ، ولكن إثباته باستصحاب موضوع آخر ملازم له ، من أوضح الأصول المثبتة ، التي بنى الفقهاء على عدم حجيتها ، لعدم شمول أدلة الاستصحاب لها ، لأن أدلته ناظرة لنفس الحكم الشرعي ولموضوعه الذي يترتب عليه بلا واسطة ، والتحيض للستين فيما نحن فيه مترتب على هذا