الأصل بواسطة لازم الموضوع الذي جرى فيه ، وهي من أوضح الوسائط وأجلاها.
والضابط الكلي في هذا الباب ، هو أن الموضوع في القضية الشرعية إن كان مركبا من أمرين أحدهما جودي والآخر عدمي ، أمكن إثبات العدمي بالأصل.
وإن كان مركبا من أمرين وجوديين امتنع إثبات أحدهما باستصحاب عدم نقضه لانه يكون حينئذ مثبتا.
وبملاحظة هذا الضابط ، يتضح لك الفرق بين الأصول العدمية الصحيحة التي يستعملها الفقهاء وبين غيرها ، ويتضح لك السبب في استنادهم إليها في مورد وعدمه في نظيره ، مع وحدتهما من حيث اليقين السابق والشك اللاحق ، وإن المدار على كون العدم جزءا من القضية الشرعية ، وليس جزءا فيها.
ولتوضيح ذلك نقول : إن جزء الموضوع في القضية إن كان نفس العدم أمكن إثباته بأصالة العدم عند الشك في وجوده ، وإن كان وجوديا امتنع اثباته باستصحاب عدم نقيضه ، لكونه من الأصول المثبتة. وقد يتوهم جريان أصالة العدم لإحراز عدم الحكم وهو وإن كان صحيحا ، إلا أننا لسنا في حاجة لإحراز عدمه بها ، لانتفائه عقلا بمجرد الشك في موضوعه لاستقلال العقل بذلك ، لأن إثبات شيء لشيء فرع ثبوت ذلك الشيء ومع الشك فيه ، فكيف يدعى ثبوته له.
نعم : لو كان المطلوب إحراز العدم تعين الرجوع لأصالة العدم ، إذ لا طريق لاحراز عدمه حينئذ بدونها.
ومنها : أصالة عدم شرطية ما يشك في شرطيته ، وهو تارة يكون في المعاملات وأخرى في العبادات ، أما أصالة عدم شرطية الشيء في البيع والنكاح مثلا ، فإن رجع إلى أصالة عدم تخصيص العمومات أو عدم تقييد الاطلاقات فلا ريب فيه ، وأما إن رجع إلى غيره فإنه لا أصل له ، فإذا فرض كون أوفوا بالعقود عاما وكون قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) مطلقا ومثله : الصلح جائز بين المسلمين ، وصدق عنوان البيع أو الصلح أو العقد جرت أصالة عدم الشرط المشكوك بمعنى أصالة عدم المخصص والمقيد ، وهذا واضح