الرابع : عرفت فيما مضى أن الروايات ظاهرة في الشبهة الموضوعية ، ويحتمل إرادة الشبهة الحكمية ، ويمكن تقريبها بدعوى الاستخدام : وتقريبه.
تارة بأن يقال : إن لفظ الشيء اطلق واريد منه كليه وجزئيه. ويكون الضمير في قوله : (فيه) راجعا إلى الجزئي المشتبه ، ويكون قوله : (فهو) راجعا إلى الكلي المشتبه. وينبغي أن يكون المعنى حينئذ كل كلي جزئيه مردد بين الحلال والحرام ، فالكلي حلال .. وحينئذ تكون الرواية ناظرة للشبهة الحكمية ، باعتبار جعل مورد الحل نفس الكلي ، وللموضوعية باعتبار كون الترديد في الجزئي ، أو باعتبار كونها هي مورد النص.
وأخرى : بدعوى أن بعض الاجناس يكون تحتها نوعان معلومان كلحم الغنم المذكى ، ولحم الميتة ، وأن اللحم المشترى من السوق مشكوك في كونه من المذكى أو الميتة. ويكون الضمير في (فيه) راجعا للكلي ، ويكون قوله : (فهو) راجعا إلى المشكوك وهذا النوع من الاستخدام اوضح من سابقه.
وينبغي أن يكون المعنى حينئذ ، كل شيء في كليه شبهة الحلال والحرام فالمشكوك منه حلال.
وثالثة : بدعوى أن بعض المشتبهات يكون فوقها كلي تحته ثلاث كليات. فكلي اللحم مثلا مشتبه وتحته ثلاث كليات ، اثنان معلومان فإن لحم الغنم معلوم الحلية ، ولحم الخنزير معلوم الحرمة ، وثالث مشكوك وهو لحم الأرنب مثلا ، وبملاحظته صح اتصاف كلي اللحم بالاشتباه. فإن الشك في الأرنب يستدعي الشك في كلي اللحم ، باعتبار أنه من مصاديقه. فالشك في الكلي مسبب عن الشك في جزئيه. وينبغي أن يكون المعنى حينئذ كل كلي تحته الحلال والحرام والمشكوك ، فذلك الكلي حلال .. ويختص بالشبهة الحكمية حينئذ أو يشملها مع الموضوعية.
وأنت ترى أن امثال هذه الخيالات لا تفيد الظن بالمراد ، فكيف تكون داخلة في حجية الظواهر.