الصناع لما تجنيه أيديهم وإن كان من غير تقصير منهم. بل وكذا الطبيب والبيطار ، إذا حصل التلف بالطبابة والبيطرة ، ولعل ذلك مقتضى القاعدة فضلا عن النصوص التي سمعت جملة منها.
وفي خبر بكر بن حبيب عن أبي عبد الله (ع) لا تضمن القصار إلا ما جنت يداه وإن اتهمته أحلفته .. وحينئذ فلا ضمان مع عدم الفساد ، من حيث الصنعة والعمل ، وإن اتفق نقصان قيمة الثوب مثلا بحصول العمل منه. وكذا المأمور بالختن والحجامة ونحوهما ، ولم يكن منه فساد وخيانة من حيث العمل المأمور به ، وإن اتفق التلف به. نعم لو كان ذلك بعنوان الطبابة والبيطرة ترتب الضمان لحصول الفساد بما كان يراد منه الإصلاح ، وإن لم يكن عن تقصير ، والله العالم. انتهى كلام الجواهر بلفظه وقد بقي جملة أخرى ترتبط بما نحن فيه وفيها جملة فروع.
النوع الثامن : من أنواع الإتلاف بالتسبيب ما إذا اتجهت النار أو الماء أو السهم إلى شخص فحاد عنه فاضر بغيره ولا ينبغي الريب في أنه لا يكون ضامنا لذلك الضرر للأصل ، ولعدم شمول شيء من الأمور المتقدمة الدالة على الضمان لمثله. مضافا إلى فحوى رواية أبي بصير الآتية.
ولو دفعه عن نفسه ، فوقع في غيره بدون قصد فكذلك للأصل ، ولرواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل كان راكبا على دابة فغشي رجلا ماشيا ، حتى كاد أن يوطئه ، فزجر الماشي الدابة عنه ، فخر عنها ، فأصابه موت أو جرح ، قال : ليس الذي زجر بضامن ، إنما زجر عن نفسه (١).
النوع التاسع : ما إذا حفر المالك بئرا في ملكه أو غرس شجرة ، أو حفيرة ، فاضرت بجاره ، فلا ريب في وجوب كف ضرره ، لحديث نفي الضرر ، الحاكم على قاعدة السلطنة كما أوضحناه في قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
مضافا إلى إمكان استفادة ذلك من قاعدة السلطنة نفسها ، لأنها تدل بالمطابقة على كونه مسلطا على ماله ، وتدل بالالتزام على منع غيره من مزاحمته في
__________________
(١) الوسائل م ١٩ ب ٢١ من أبواب قصاص النفس ص ٤٢ ح ٣.