بعد انتفاء الحقيقة الشرعية ، ولكنا لا نسلم انعقاده في المقام على عنوان مبين بل ندعي العكس ، ويدلك على ذلك اختلاف المجمعين في تحديد ما أجمعوا عليه كما هو الظاهر من اختلاف تعاريفهم للمسألة.
ولا ريب أيضا ، إن اختلاف العلماء في حدود ذلك العنوان يؤكد انتفاء المعنى الشرعي.
إن قلت لعل اختلافهم في التحديد كان من باب الاختلاف في تحديد المعنى العرفي بعد اتفاقهم على تعليق الحكم عليه.
قلت إن ذلك في غاية البعد ، وعلى تقديره ، فإن رجع إلى الاختلاف في أصل العنوان ، كان معقد الاجماع حينئذ مجملا ، ووجب الاقتصار على القدر المتيقن ، وإن كان من الاختلاف في تفسيره أو في تطبيقه على مصاديقه بعد الاتفاق على العنوان ، وجب الرجوع إلى العرف فيه.
وينبغي التنبيه إلى وضوح بعض مصاديق المعاني العرفية وخفاء البعض الآخر ، وإلى أنه يجب الرجوع في المشتبه منها إلى الأصول ومقتضاها في المقام هو تنجز العلم الاجمالي ما لم يخرج بعض أطرافه عن محل الابتلاء ، وهو المطلوب.
وقد ظهر من ذلك كله إن الاجماع على العنوان المذكور لا يجعل له خصوصية ، وإن المدرك في جواز الارتكاب في الشبهة غير المحصورة ، وفي الشبهة المحصورة التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء واحد.
الموضع الرابع : في جواز ارتكاب جميع الأطراف وعدمه.
ولا ينبغي الريب في جوازه على تقدير ابتلائه بما لم يكن مبتلى به بشرط خروج بعض الأطراف الأخرى عن محل الابتلاء ، بملاك جواز ارتكاب ما كان تحت ابتلائه سابقا. وأما إذا أصبحت الأطراف كلها في محل الابتلاء بعد أن لم تكن ، فإن العلم الإجمالي يتنجز بلا ريب ، ولا يجوز ارتكاب أي طرف من الأطراف.
فإن قلت إذا ارتكب بعض الأطراف في ظرف خروج الآخر عن محل