بارتكاب شيء من المشتبهات بدون حجة شرعية أو عقلية ، هذا ما تقتضيه القاعدة ، وقد أثبتنا في الشبهة المحصورة التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء إن الأصل يجري في الطرف المبتلى به بلا معارض. فيكون ذلك دليلا في الشبهة غير المحصورة.
فإن قلت : أي فرق بين الشبهة غير المحصورة وبين الشبهة المحصورة التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء. ولما ذا أفردت بالتدوين ، ولما ذا لا يؤخذ باطلاق معاقد الاجماعات فيقال : كل ما صدق عليه أنه شبهة غير محصورة يجوز ارتكاب أطرافه في الجملة ، وإن لم يخرج بعض أطرافه عن محل الابتلاء ..
قلت : التحقيق أنه لا فرق بينهما من حيث الحكم ، نعم يختلفان من حيث توفر الأدلة في غير المحصورة ، فإنها تشارك المحصورة التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء في كل ما استدل لها به ، وتزيد عنها بما مر ، وإنما أفردت بالتدوين لتنبه معظم السلف لها ، ووضوح حكمها عندهم بخلاف المحصورة التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء.
وأما الاجماع ففيه : أنه من الاجماع في المسألة العقلية ، وأنه لبي ، والقدر المتيقن منه هو انتشار أطراف الشبهة انتشارا يستدعي خروج بعض أطرافها عن محل الابتلاء ، وأنه ليس بحجة لكونه معلوم المدرك ، فإن مدركه أحد الأمور المتقدمة في الموضع الثاني ، أو كلها. ولو تمت ، لم تنهض على إثبات أكثر من ذلك.
وينبغي التنبيه إلى أن الاجماع هو أهم الأدلة التي تنفرد بها الشبهة غير المحصورة ، وربما يتوهم أنه منعقد على عنوان عرفي مبين وهو غير المحصور. فكل ما يصدق عليه عرفا أنه غير محصور يجوز ارتكاب أطرافه في الجملة ، وإن كان جميع أطرافه في محل الابتلاء ، ولكنه توهم فاسد ، فإنا نسلم انعقاد الاجماع فيما نحن فيه ، ونسلم أنه على تقدير انعقاده على عنوان مبين يكون حاله حال تعليق الحكم على عنوان في آية أو رواية من حيث وجوب الرجوع فيه للعرف