الايراد الخامس : إنه لا يجري في القضاء بأقسامه .. لأن الكفار إن كانوا مكلفين به ، لزم من وجوده عدمه وهو محال .. وإن لم يكونوا مكلفين به ، لم يبق موضوع للحديث .. مع أن سقوط القضاء عنهم ، في العبادات ، مسلم.
وتوضيحه : أنهم إذا كلفوا بالقضاء وحصلوا شرطه ، وهو الإسلام ، سقط عنهم. فيكون قبل تحصيل شرطه غير مقدور لفقدان شرطه ، وبعده غير ممكن لسقوط أمره (بالحديث). فيلزم من التكليف بالقضاء الصحيح عدم التكليف به ، وهو محال .. وحينئذ فلا بد إما من الالتزام بعدم تكليفهم به في حال كفرهم ، وإما بعدم سقوطه عنهم بالإسلام ، وكل ذلك لا يمكن الالتزام به.
والجواب : إن حقيقة الأمر ليست إلا إيجاد الداعي .. وحينئذ نقول : إن تكليفهم بالاداء واضح ، لأن التكليف يحرك إرادتهم إليه. وثمرته أنه لو لم يأتوا به لعاقبهم وإذا حصلوا شرطه ، وهو الإسلام ، وجب عليهم. هذا كله بعد فرض كون الإسلام شرط وجود لا شرط وجوب. ولذلك يجب عليهم تحصيله كما هو الحال في سائر شرائط الصحة والوجود ، وتحصيل الإسلام أمر مقدور لهم ، ومتى حصلوه تمكنوا من الاداء بالبداهة.
وأما القضاء ، فربما يقال : بأن الغرض من التكليف به ليس تحريك الارادة إليه وإنما الغرض منه بيان أصل الاقتضاء والغرض من حديث الجب رفع ذلك الاقتضاء ومنعه من التأثير .. فيكون الإسلام مانعا من تأثير ذلك المقتضي. فلو فقد المانع أثر أثره ، واستحق العقوبة على العصيان بترك تحصيل الشرط .. وقد يكون الغرض من التكليف بالقضاء هو المنة برفعه بالاسلام ، والحث على الإسلام.
وفيه : إن هذا مساوق للتكليف بالإسلام. والعقاب على تركه يكون عقابا على ترك الإسلام في الحقيقة.
ومن ذلك كله يظهر أن العقاب ليس هو ثمرة التكليف بالقضاء ، بل