يعتقد خمريته. ويمكن أيضا تحريم ما يعتقد كونه خمرا ، وإن لم يكن في الواقع خمرا.
وأما أخذه قيدا في الحكم ، على وجه تكون الحرمة مثلا ثابتة في حق العالم بها دون الجاهل ، ففيه إشكال. وثمرته أن من شرب الخمر جاهلا بحكمها ، لا يستحق العقاب ، ولا يقام عليه الحد ، ولا يحكم بفسقه. ولا يعاقب على ترك الفحص عن حكمه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه ربما يقال بامتناع ذلك ثبوتا ، وربما يقال بامتناعه إثباتا فقط ، وربما يقال بامتناعه إثباتا في نفس دليل التشريع ، وهو المختار. فلنا هنا ثلاث دعاوي :
دعوى : إمكانه ثبوتا.
ودعوى : امتناعه إثباتا بنفس دليل التشريع.
ودعوى : إمكانه إثباتا بدليل آخر غير دليل التشريع.
أما امتناع إثباته بنفس دليل التشريع ، فلأن العلم والجهل من الانقسامات اللاحقة لمتعلقاتها بعد فرض وجودها المترتبة عليها ، ترتب المعلول على علته. فلا يمكن ثبوت الاطلاق بالنسبة لها ، لاستلزامه تقدمها. فيمتنع استفادة اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين من أدلة التكليف. وإذا امتنع الاطلاق امتنع التقييد ، لكونهما من الأمور المتضايفة. وقد أوضحنا الفرق بين الانقسامات اللاحقة والمساوقة وأوضحنا إمكان الاطلاق والتقييد بالنسبة للثانية دون الأولى في مبحث التعبدي والتوصلي من كتاب (مباني الفقيه).
إن قلت : إذا امتنع الاطلاق ، فمن أين يثبت الاشتراك ..
قلت : ثبت اشتراك التكاليف بين العالم والجاهل بأمور
منها : استقلال العقل باستحالة الاهمال الواقعي من المولى لأنه عليه البيان ، وتركه قبيح مع وجود المقتضي له ، وعدم المانع منه. ولأنه حكيم محيط بموضوعات أحكامه ، ولأن الحكم بالنسبة لموضوعه