لا على التعيين ، وكان تعيين احدهما ترجيحا بلا مرجح تعين حفظ القدرة بمقدارها ، فيجب فعل احدهما ، وحيث لا مرجح ولا ترجح يتخير.
الموضع الثاني : في بيان معنى تعارض الاصلين. والمعروف على ألسنة المشتغلين أنه عبارة عن العلم بكذب احدهما ، مع أن المعروف عند المحققين أن من كان عنده إناءان احدهما بول والآخر ماء ثم توضأ بأحدهما غفلة ، واشتبه الحال أنه يستصحب بقاء حدثه وبقاء طهارة اعضائه مع أنه يعلم بكذب احدهما. ومثله ما لو نذر نذرا متعلقا بأمر ما ، في زمان معين ، ثم تردد بين كون نذره على فعل ذلك الأمر أو تركه ، فإنه يجري اصالة عدم تعلقه بكل منهما. ومثله حكم جملة من العلماء ، كما قيل ، بجريان اصالة الاباحة عند الدوران بين الوجوب والحرمة ، من جهة فقد النص أو اجماله أو اشتباه موضوعه الخارجي. وأن كان يظهر ، من المحكي عن آخرين ، عدم جواز احداث القول الثالث عملا بالاجماع المركب. ولكنه سيتضح لك إن شاء الله تعالى أن الاصول في هذه الموارد ليست متعارضة. وستعرف أيضا أن الاجماع المركب لا يمنع من الحكم الظاهري المخالف لكلا القولين. وستعرف ايضا امكان جعل الحكم الظاهري ، مع العلم بمخالفته للواقع اجمالا أو تفصيلا ، إذا لم يلزم منه مخالفة عملية ، كما فيما نحن فيه ..
إذا عرفت هذا فاعلم أن التحقيق في معنى تعارض الأصول هو لزوم المخالفة العملية للتكليف المنجز ، فإذا جرت الأصول ، ولم يلزم شيء من ذلك ، لم يكن في جريانها محذور اصلا ، حتى لو حصل العلم بعدم مطابقة احدها للواقع. ففي اطراف الشبهة المحصورة ، الجامعة لشرائط التنجز المذكورة في محلها ، نعلم بتكليف منجز بنظر العقل ، اما لأن العلم الاجمالي علة تامة ، وأما لأنه مقتض. فيقال حينئذ أن المقتضي موجود والمانع مفقود ، وحينئذ يحكم لعقل بوجوب الاطاعة لتحقق موضوعها. فإذا جرى الأصل في جميع الاطراف كان ذلك مناقضا لحكم العقل بوجوب الاطاعة. وإذا فرض جريانه في بعضها المردد لم يكن مصداقا للعمومات الواردة في حجية الأصول ، لأن الفرد المردد ليس له مصداق في الخارج. وإذا جرى في بعضها المعين كان