إلى من يشك في قدرته على تخليصه.
ولو ظن قدرته على احدهما المعين ، واحتمل قدرته بالنسبة للآخر ، تعين ما ظنه.
ولو كان احدهما المعين أهم ، ولكنه لا يجزم بقدرته على إنقاذه ، وكان الآخر مهما ، وكان يقطع بقدرته على إنقاذه ، فهل يتعين الأول لأهميته أو الثاني لتيقنه ، وجهان.
ونظيره ما لو كان احدهما المعين محتمل الأهمية ، ولا يجزم بقدرته على تخليصه ، وكان الآخر غير محتمل الأهمية ، ولكنه يجزم بقدرته على إنقاذه.
والتحقيق في هذا الباب ، أن المدار ليس على الاحتمال واليقين ، بل على المحتمل والمتيقن. فلو كان متعلق احتمال الانقاذ نبيا وكان متعلق متيقن الانقاذ من سائر المؤمنين تعين المحتمل.
ألا ترى أننا لو احتملنا وجود السم القاتل في اناء ، وقطعنا بوجود ما يضر بإحدى الجوارح في آخر ، وكان لا بد لنا من تناول احدهما ، أننا نقدم على تناول متيقن الضرر إذا كان مهما ، ولا نقدم على تناول محتمل الضرر إذا كان أهم.
إذا عرفت هذا كله فاعلم : إن المرجع في ترجيح أحد المتزاحمين هو العقل ، وهو يستقل بترجيح الأهم ، أو محتمل الأهمية ، لأن ذلك شأن من شئون الطاعة. والمحكم في باب الطاعة وشئونها هو العقل ، والعقل يرى لزوم كمال العبودية بالمحافظة على رغبات المولى. ولا ريب أن مراعاة الأهم محصلة لذلك لأن تركه والاتيان بالمهم فيه احتمال سخط المولى ، والعقل يستقل بوجوب دفع الضرر المحتمل في هذا الباب. وأما الشارع ، فإنه لا يكون مرجعا في باب التزاحم ، لأن وظيفته البيان اتماما للحجة ، والمفروض أنه قد بين ، أن العبد قد علم بما يريده منه مولاه ، فهو ليس محتاجا للبيان ، وهذا هو المقصود بإحراز الملاكين. ولا فرق في التزاحم بين حصوله بسوء اختيار العبد ، أو من باب الصدفة كما في مثال الغريقين ، ومثال الازالة.