قصوره عن شموله لمثل الفرض ، وبين صدقه على أحدهما لمرجح من أهمية أو غيرها ، وهو غير بعيد عن مذاق العرف البدوي. فإن قصر ـ الدليل عن شمولهما ، أو تساقط للتعارض ، حرم التصرف على كل منهما في ملكه ، لأنه إنما كان يحل له التصرف في ملكه لقاعدة السلطنة ، والمفروض أنها لا تشمل مثل هذا المورد. وحينئذ لا يبقى مورد لقاعدة نفي الضرر ، لأنها إنما تحكم على السلطنة الضررية. والمفروض أنه بعد قصور الدليل عن شموله ، أو بعد التساقط بالمعارضة لا سلطنة. فتنتفي قاعدة الضرر بانتفاء موضوعها.
وأما إذا قلنا بأن المورد من باب المزاحمة ، تعين جريانها لنفي سلطنة الأكثر إضرارا فتكون السلطنة الأشد ضررا منفية ، وتبقى السلطنة التى هي أقل ضررا بحالها.
ومنها : تعارض الضررين الناشئ من السلطنة واللاسلطنة. كما لو استأجر شخص أرضا ليزرعها ، واشترط إبقاءه مدة يبلغ الزرع في مثلها عادة ، ثم احتاج إلى إبقاءه بعد انتهاء المدة ، وله صور أربع :
الأولى : أن لا يلزم على صاحب الأرض ضرر بالإبقاء ولا على صاحب الزرع ضرر بالقلع ولا ريب في وجوب القلع إذا طلبه صاحب الأرض لقاعدة السلطنة ، وهذه الصورة خارجة عن تعارض الضررين ، كما هو واضح.
الصورة الثانية : أن يلزم الضرر على صاحب الأرض بالإبقاء ، ولا يلزم الضرر على صاحب الزرع بالقلع ، وهي أوضح من سابقتها ، لأن المفروض أن صاحب الزرع لا حق له ، ولا يتضرر بالقلع فالمقتضى للقلع موجود والمانع مفقود.
الصورة الثالثة : أن يلزم على صاحب الزرع ضرر بالقلع ، ولا يلزم على صاحب الأرض ضرر بالإبقاء ، وحكم هذه الصورة يستفاد من رواية الغنوي ، فإن اعمال سلطنة صاحب الأرض حينئذ ضرار ، لأنه اضرار بالغير بلا نفع له ، وينبغي التنبّه إلى أن نفي سلطنة صاحب الأرض لا يستلزم نفي الأجرة لأنها من آثار الملك لا من آثار السلطنة وهي ، حينئذ ، كالأكل في