نعم ، إذا ادعى الملكية صدق ، لا من جهة العمل باليد ، بل من جهة حجية خبر ذي اليد المتفق عليها في الأموال والأعمال ، وغيرهما كالطهارة والنجاسة وأمور أخرى ، والخبر إمارة ، وهو مقدم على الاستصحاب.
إن قلت : أن هذا الاستصحاب مثبت ، لأن استصحاب كون يده أمانة مثلا ، ليس حكما شرعيا! ولا موضوعا له.
قلت : الأمانية والوقفية ، أحكام وضعية ، ولو تنزلنا فهي موضوعات للأحكام.
ويمكن تقريب ما ذهب إليه الشيرازي رحمهالله بما كان يقربه به الأستاذ قدسسره من أن أغلب الأيدي مسبوقة بيد السوم ، كما هو الحال بالنسبة لأكثر المنقولات كالأواني والأقمشة والآلات والحيوانات وما أشبه ذلك ، ولا ريب في ترتيب آثار الملكية على يد من هي بيده ، وإن علمنا بأن يده كانت عليها قبل ذلك بنحو السوم وهذا مما لا يشك فيه أحد ، ولو بنينا على استصحاب حالها السابق ، لأدى ذلك إلى الحكم بكونها لأربابها السابقين ، وهذا مما لا يلتزم به العقلاء ، ولا الفقهاء.
وفيه : أن سيرة العقلاء على ترتيب آثار ملكية ذي اليد الفعلية مع العلم بكونها قبل ذلك كانت يد سوم ، والشارع لم يردعهم بل أقرهم ، كما يشهد بذلك موافقة الفقهاء لهم ، وحينئذ تكون هذه السيرة المقررة هي الدليل على خروج استصحاب يد حال السوم عن استصحاب حال اليد في الموارد المتقدمة ، مضافا إلى أنا نقطع بأن أيدي المستأمنين تنقلب بنظر العقلاء أيديا مالكية بمجرد مفارقتهم لمكان السوم. فيد السوم معلومة العدم بنظرهم ، ومع العلم لا مجال للاستصحاب.
وبالجملة : دليل حجية إمارية اليد ، استقرار طريقة العقلاء وتقرير الشارع لهم وهذا المعنى حاصل بالنسبة لليد المسبوقة بالسوم بالضرورة ، وغير حاصل بالنسبة لليد إذا كانت عليه بنحو الأمانة أو الولاية أو غيرهما مما يشبهها ، لفقد استقرار السيرة وفقد التقرير لأنه فرع عنها ، والحمد لله رب العالمين (١).
__________________
(١) تعرضنا لهذه القاعدة في كتاب الخمس من مباني العروة الوثقى ص ٦٩ وبينهما اختلاف يسير.