أماريتها. لأن الاعتماد على استصحاب حال اليد ليس من باب تقديم الاستصحاب على اليد ، بل من باب إخراج اليد الفعلية موضوعا بالاستصحاب عن اليد التي جعلها الشارع إمارة ، والوجه في عدم حجيتها حينئذ هو أن طريقة العقلاء على إثبات الملكية بمثل هذا النوع من الأيدي غير ثابتة ، ومن المعلوم أن التقرير فرع الثبوت ، والمفروض عدم إحرازه.
والتحقيق : أن استصحاب حالها السابقة ، وارد على القاعدة ، لأنه يثبت أن اليد الفعلية يد مستعيرة أو غاصبة أو أمينة ، وهذه الأيدي المستصحبة هي بنفسها حكم شرعي وضعي ، أو موضوعات لهذه الأحكام الشرعية الوضعية.
وربما يتوهم أن هذا من باب تقديم الأصل على الإمارة ، ولكنه توهم بدوي لأن هذا الاستصحاب ينفي اليد التي تصلح لأن تكون إمارة على الملكية ، لا إنه ينفي أماريتها بعد فرض ثبوتها.
وبالجملة : النزاع فيما نحن فيه صغروي ، فإننا نشك في تحقق اليد الدالة على الملكية بنظر العقلاء ، لا أننا نعترف بوجودها ، ثم نقدم الاستصحاب عليها.
بيان ذلك أن اليد نوعان ، يد مستقلة بذاتها ومتصرفة تصرفا مطلقا ، وهذه هي التي تكون إمارة على الملكية ، ويد متفرعة على غيرها ، ويكون لها تصرفات محدودة ، وهذه ليست إمارة على الملكية ، والاستصحاب المذكور يثبت أن اليد الفعلية الموجودة على الأمانات وغيرها مما قدمناه يد متفرعة على غيرها ، كما أن الاستيلاء الذي هو من معاني اليد أو لوازمها استقلالي وتبعي ، والاستصحاب يثبت كون الاستيلاء الفعلي تبعيا لا استقلاليا.
وعلى هذا ، فلو كانت يده على المال بنحو من الأنحاء المذكورة ، لم يجز لغيره ولا لورثته فضلا عنه! ترتيب آثار المالكية بمجرد رؤيته يتصرف فيه تصرف المالكين بمجرد احتمال ملكيته له ، لأن الاستصحاب يثبت أن يده الفعلية هي يده السابقة ، والسابقة ليست إمارة بالضرورة ، ولا فرق في ذلك بين كونها على الأمانات ، أو على الأوقاف ، أو على الأموال التي فيها الخمس والزكاة ، أو على نفس الخمس والزكاة.