حجية أخبار الآحاد المتداولة بين أصحابنا في مقام الفتوى والعمل لا غير ، وقطع ببقاء ما عدا ذلك من الأخبار على أصالة عدم الحجية.
ثانيها : سيرة العقلاء ، فإن سيرة العقلاء من أهل الأديان وغيرهم على العمل بأخبار الآحاد الظنية.
وفيه أنها مسلمة في الجملة ، ولكن السيرة ليست حجة بالذات ، لأنها ليست آية ولا رواية ، ولا من المستقلات العقلية ، وإن حجيتها تتوقف على إحراز أمرين :
أولهما : اتصالها بالمعصوم.
وثانيهما : تقريره لها.
والواقع على خلاف ذلك ، فإن سيرة علماء الشيعة على عدم العمل بأخبار الآحاد الصحيحة الظاهرة إذا لم يعتمدها معظمهم ، ويظهر ذلك ممن تتبع مصنفاتهم في الفقه والأصول من وقتنا هذا إلى أن تصل إلى عهد القميين في عهد الإمامين العسكريين عليهما أفضل الصلاة والسلام.
وإذا كانت سيرتهم المتصلة بعهدهم (ع) على نبذ هذا الصنف من أخبار الآحاد فكيف يستطيع الفقيه أن يدعي متابعة سيرة الفقهاء لسيرة العقلاء .. وكيف يستطيع أن يدعي أن سيرة العقلاء مقررة من قبل أئمتهم (ع) ولو كانت مقررة لكان جمهور العلماء مخالفين لما قرره أئمتهم أو جاهلين به ، ولا أظن أن أحدا من الشيعة يجرؤ على رميهم بشيء من ذلك.
وبالجملة السيرة لبية ، والثابت منها عملا وتقريرا ما شاركهم علماؤنا فيه ، وأما ما خالفهم علماؤنا فيه ، فإنه ظن لا دليل على حجيته ، ولا سيرة لنا على العمل به ، ولا يبقى حينئذ موضوع لدعوى الاتصال ولا لدعوى التقرير والله الموفق للصواب (١)
__________________
(١) يرشدك إلى العمل والهجر في عهد الأئمة عليهمالسلام ما رواه في المستدرك في ب ١٨ من أبواب صلاة المسافر ح ٣ ص ٥٠٤ عن كامل الزيارة جعفر بن محمد بن قولويه عن سعد بن عبد الله ، قال سألت أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد مكة ، المدينة ، والكوفة ، وقبر