وأما بقية الآيات والاخبار المتواترة معنى ، فإن ثبت فيها اطلاق يشمل المورد اخذ به ، وإلا فالأمر سهل ، لعدم الحاجة إليها ، وليس فيها ما ينفي حجية هذا الصنف من الأخبار ليعارض ما يثبتها.
ثم إن فتوى الاصحاب بما يوافق الخبر الضعيف ، إن كانت مستندة إليه فلا ريب في الجابرية ، وإن وافقته من غير أن تستند إليه ، فالجبر حينئذ مشكل لعدم ثبوت الاجماع والسيرة ولانتفاء الوثوق. ولو شك ، فالاصل عدم الحجية ، وتوهم ظهور الحال في الاستناد لامتناع افتائهم بلا مستند وانحصاره فيه مثلا ، فاسد ، لأن ذلك لا يستلزم اكثر من حملهم على الصحة ، بمعنى أنه لا بد أن يستندوا إلى امر معتبر عندهم ، وأما كونه خصوص هذا الخبر فلا ، لكون الفتوى من قبيل اللازم الاعم ، وبالجملة اصالة عدم الحجية محكمة ولا نرفع اليد عنها إلا بدليل وهو هنا منف.
ثم إنه هل المراد بالاصحاب خصوص القدماء منهم أو كل طبقة بالنسبة لمن تأخر عنها؟ احتمالان. والذي يظهر من تعليلات الجابرية في كلامهم هو الأول ، ولكن الظاهر عدم الخصوصية لاتحاد المناط اعني الوثوق فإنه متى حصل كان مشمولا لآية النبأ والمستفاد منه مطلق الوثوق من مطلق السبب لا وثوق خاص.
ومن ثم استشكل شيخنا المرتضى في دلالتها لاستلزامه حجية مطلق الظن الموثوق به ولا يمكن الالتزام به ، قلت : عدم إمكان الالتزام به يكون موجبا لتقييد الوثوق بالسبب الخاص.
ثم إن جبر الخبر الضعيف لا يوجب توثيق رجال السند ليكون خبرهم حجة في مقام آخر ، وإنما يوجب جعل الحجية في هذا المورد فقط ، ولا ملازمة بين الحجية وبين وثاقة الراوي ، كما يتضح من جميع ما قدمناه ، ويمكن إرجاع ما قيل من أنه يجبر المضمون إلى ما ذكرناه.