إلا أن هذه الشهرة لا تنفع إلا في مورد المعارضة ، وهي غاية ما تفيد الظن بصدوره ، والظن ليس حجة.
والحل : إن المرجع في مثل المقام هو أدلة حجية خبر الواحد حينئذ نقول : أما الإجماع والسيرة فإنهما وإن كانا لبيين إلا أن دعوى شمولهما للمورد قريبة ، وذلك لأن صاحب المسالك والمدارك كثيرا ما يعملان بالخبر الضعيف المجبور بعمل المشهور. وحينئذ فمناقشتهما بعد العمل تكون موهونة لأنها حينئذ علمية لا عملية ، ويكون عملهما حينئذ مؤكدا للسيرة والاجماع ، مضافا إلى أن خلافهما لا يضر لسبقه بالاجماع. ونحن لا ندعي ثبوت الاجماع على جبر الخبر الضعيف بعمل المشهور بخصوصه بل ندعي شمول الإجماع على حجية الخبر له ، ويظهر ذلك بعد التأمل في كلمات نقلة الاجماع.
وأما آية النبأ فلا ريب في شمولها له ، بناء على أن المستفاد منها حجية الخبر الذي يوثق بصدوره ، وهذا النوع من الاخبار يحصل الوثوق بصدوره ، لأن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ، كانوا اقرب منا عهدا ، واعرف بالاخبار ورواتها ونحن اخذناها منهم ، وتلقيناها عنهم فعملهم بالضعيف لا بد وأن يكون من جهة احتفافه بقرائن كانت عندهم موجبة للاخذ به ، خصوصا مع علمنا بتثبتهم واحتياطهم.
وإن قلت إننا قد اجتمعت عندنا احوالهم واحوال الرواة واصبحنا أكثر منهم احاطة بواسطة جمعها في الكتب ، ولعلهم كان يقلد بعضهم بعضا ، فنحن اعرف منهم بالاخبار والآثار.
قلت : القوم كانوا اشد اهتماما منا بالحديث ، وقرب العهد يستدعي الضبط ، وما يحفظه الاساتذة ويفهم من لحن قولهم اضعاف ما يسطر في الكتب. وإنا نعرف من انفسنا اننا نستفيد من بيان الاستاذ اكثر مما نستفيده من بنانه. وقد اشار شيخنا الشهيد رحمهالله في آداب المفيد والمستفيد إلى ذلك ، ونحن نعرف من انفسنا أن ما يجول في خواطرنا من الشبه والملاحظات لا ندونه ، ولكننا في مقام التدريس والمذاكرات نستعرضه.