وغيرها لا أثر له لأن المدار على العمل والاعراض حسب ما مر. وبناء عليه يسقط علم الدراية وتسقط تقسيمات الخبر ، لأن المناط في الحجية وعدمها عمل المشهور واعراضهم وهذا شيء مخالف لما عليه علماؤنا منذ عهد المحقق أو قبله حتى الساعة ، ومن البعيد أن تكون اصطلاحاتهم اصطلاحات خالية من الثمرة.
قلت : تظهر الثمرة فيما لو تكافأ العمل والاعراض ، كما لو عمل به جمع واعرض عنه جمع ، وفيما لو شك في العمل والاعراض بعد الفحص ، وفيما لو لم يتعرض الفقهاء للخبر اصلا ، واحتملنا أن يكون ذلك غفلة ، أو لعدم عثورهم عليه أو لعدم الحاجة إلى تدوين مضمونه ، أو لمانع آخر ، ويجمع ذلك كله الشك في العمل والاعراض ، ولكن السبب حينئذ مختلف بالضرورة.
ثم إنه نسب إلى شيخنا المعظم الآغا رضا ، في مبحث طهارة اهل الكتاب ، أنه فرق بين ما إذا كان الاخذ بالظاهر من باب اصالة الظهور ، أو من باب اصالة عدم القرينة ، فاستشكل بناء على الأول ، لأن حصول الاعراض لا يمنع من بقاء الظن النوعي.
قلت : وكأنه رحمهالله لم يجعل الاعراض موجبا لخلل في اصل الصدور ولا في جهته ، وأنما جعله موجبا لخلل في اصل الظهور ، وهو كما ترى. مضافا إلى أن اصالة عدم الظهور معتبرة عند العقلاء بحسب ما نستفيده من مرتكزاتنا ، من حيث إفادتها الظن النوعي المعتد به ، ولا اقل من كونه هو القدر المتيقن ، وهم لا يعرفون اصالة الظهور ولا اصالة عدم القرينة. وعلى كل حال ، فما أعرض عنه المشهور لا يفيد الظن بالحكم الواقعي ، فضلا عن كونه مفيدا للظن المعتد به. ولكن ذلك لعله من جهة القصور في جهة الصدور لا في نفس الظهور والحمد لله رب العالمين ـ (١).
__________________
(١) انتهى صبح الجمعة ٢٥ رجب سنة ١٣٧٥ ه في قلعة سكر ـ العراق.