حجة في نفسها في باب حجية الظهور لاستقرار طريقة العقلاء ولتقرير الشارع لهم ، كان كل منهما حجة ووقع التعارض بينهما ، ورجعنا لاصالة عدم الحجية. نعم إذا كان المأخذ استقرار طريقة العقلاء ، وتقرير الشارع لهم تعين الأخذ باصالة عدم الزيادة لندرة وقوعها بالنسبة إلى النقيصة كما هو المشاهد المحسوس ، ولكن كلا من الصغرى والكبرى ممنوع ، فانا نسلم أن وقوع الزيادة اقل من وقوع النقيصة ولكن لا نسلم أن العقلاء يرتبون آثار عدم الزيادة ، ولا نسلم تقرير الشارع لهم ، وينبغي التنبيه إلى أنهما ليستا من صغريات الاستصحاب الشرعي ، بل هما من الاصول المثبتة لأن لازم اصالة عدم الزيادة أن يكون الناقص هو الصادر وأن يكون ظاهره هو المقصود فيكون حجة ، ولازم أصالة عدم النقيصة ، أن يكون الزائد هو الصادر ، وأن يكون ظاهره هو المقصود فيكون حجة فالاستصحاب ليس جاريا في حكم شرعي ولا في موضوع لحكم شرعي.
ثم اعلم أن مورد هذه القاعدة الواقعة الواحدة كقضية (غدير خم). وأما إذا احتمل كونها أكثر من واقعة كما في حديث (لا ضرر ولا ضرار) فلا تجيء فيها هذه القاعدة بل كل منهما يكون حجة ويقع التعارض ، فإن لا ضرر قد زيد فيها (على المؤمن) تارة و (في الإسلام) أخرى ، ونحتمل أن تكون الوقائع متعددة.
مضافا إلى أن هذا الحديث له خصوصية زائدة تظهر مما حكاه أستاذنا الخراساني الكاظمي في مجلس الدرس وهو أن أستاذه شيخ مشايخنا النائيني رحمهالله قال : إنه أحصى أكثر من ثلاثين موردا على نهج (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) نحو (لا طيرة في الإسلام). و (لا عدوى في الإسلام). و (لا نجش في الإسلام). وقال إنه لما كثر ورود مثل هذا التعبير مقرونا بقوله في الإسلام ، اوجب ذلك حصول الظن يتوهم الراوي ، فالحق قوله (في الإسلام) في حديث (لا ضرر ولا ضرار). ومن اجل ذلك ، لم يبق ظن عقلائي بعدم الزيادة لتكون مشمولة لتقرير الشارع على تقدير وجوده. قلت وهو تنبه حسن.