ويكون في جعل الحكم عليها إشعارا بالتحكم على المتمردين ، ويكون في هذا من المبالغة في نفوذ الحكم ، ومن البلاغة في تأكده ، ما هو غني عن الاسهاب ... ويمكن أن تكون بمعنى القدرة ، ولكن القدرة والسلطنة متقاربتان ، ويؤيد عدم إرادة الجارحة المعلومة ، القطع بأنه ليس لها موضوعية في الضمان ، للقطع بضمان من استولى على شيء بغير اليد من الجوارح. وتوهم الاستناد في تضمينه حينئذ إلى غير حديث (على اليد) خلاف ما عليه الفقهاء.
ويؤيده أيضا أن الموصول من المبهمات التي تتضح بصلتها. وصلتها هنا (أخذت) والأخذ وإن كان ظاهرا في القبض الخارجي الذي لا يصدق إلا على الأعيان ، إلا أن هذا يتم لو كان متوجها على نفس الجارحة. وقد عرفت إنه متوجه إلى ذيها ، لا إليها نفسها. وأخذ ذي اليد أوسع مفهوما ، فإن أخذه بحسبه ، فقد يكون مباشرة وقد يكون تسبيبا يذهب معه اختيار الواسطة فيصبح المختار كالآلة. والمباشرة قد تكون بالجارحة ، وقد تكون بغيرها. وكذلك المأخوذ ، فإن أخذ كل شيء بحسبه ، فأخذ الدرهم غير أخذ الأرض. وقد أوضحنا هذا عند التعرض لمعنى القبض ، في قاعدة التلف قبل القبض.
ولا ريب في دخول المنافع تحت السلطنة فتكون مأخوذة بهذا المعنى. ومن ثم يصح أن يقال أعطيت فلانا منفعة داري عوضا عما له في ذمتي فأخذها ، وجعله مجازا خلاف الظاهر ، مضافا إلى أنه لا يضر بعد قيام القرينة الآنفة على ذلك.
وأما ما أفاده الاستاذ الحكيم مد ظله من أن لفظ (الأخذ) بمدلوله المطابقي ظاهر في الأعيان المقبوضة ، وإرادة الاستيلاء منه لكونه كناية عنه ، لا يستلزم إرادة سائر مصاديق الاستيلاء ، بل يتعين منها ما يناسب الأخذ. بيان ذلك أن الكرم مثلا له مصاديق كثيرة ، منها بذل ما تنضجه النار ويكثر بسببه الرماد ، ومنها بذل الدراهم والدنانير وسائر ما لا تنضجه النار. ولا ريب إن قولنا زيد كثير الرماد يراد به المعنى الكنائي ، وهو الكرم الذي هو لازم لكثرة الرماد ، لا الرماد نفسه. والتعبير بكثير الرماد إنما يحسن في حق من كان كرمه بالمطبوخ بالنار ذات الرماد ، ولا يحسن في حق من يكون كرمه بالدراهم. فلو