ثانيها : أن يقال إن المسألة من باب قاعدة المقتضي والمانع ، بمعنى إن اليد بطبعها مقتضية للضمان ، والائتمان مانع منه ، وعند الشك في وجود المانع يكون الأصل عدمه.
وفيه : إن قاعدة المقتضي والمانع في نفسها لا دليل عليها. وحمل العام والخاص عليهما بعيد عن مرتكزات أهل المحاورة. فكيف يمكن استفادتها من الخطابات الشرعية .. مضافا إلى إن أصالة عدم المانع لا تثبت تأثير المقتضي إلا من باب الملازمة العقلية وهو مثبت ، مضافا إلى إن نفس التأثير حكم عقلي لا تناله يد الجعل فلا يمكن إثباته بالاستصحاب ...
ثالثها : أن يقال إن الحكم إذا علق على عنوان وجودي كان مجرد الشك فيه كافيا في عدمه ، وعدم الضمان علق على عنوان وجودي وهو الائتمان ، وهذا العنوان لم يحرز.
وفيه : إن هذه الدعوى لا برهان عليها إلا في الأحكام العقلية ، لان العقل لا يحكم إلا بعد إحراز مناطاته بجميع شئونها. بمعنى إنه يحصل الجزم بعدم حكمه ، ولا حاجة حينئذ إلى إحراز عدم المشكوك بالأصل.
أما في غير الأحكام العقلية ، فليس الأمر كذلك ، فإذا حرم الشارع شرب الخمر ، أو لمس الأجنبية ، ثم شككنا في مائع إنه خل أو خمر ، وشككنا في امرأة أنها أجنبية أو من المحارم ، لم يكن الشك في وجود العنوان المشكوك كافيا في عدمه ، بل لا بد من الرجوع للأصول.
رابعها : أن يقال إن موضوع المخصص عنوان وجودي ، وموضوع العام عنوان مركب من وجودي وعدمي. وحينئذ يكون الفرد الذي يشك في انطباق العنوان الوجودي عليه من مصاديق العام ، لأن أحد طرفيه محرز بالوجدان ، وهو اليد ، والآخر بالأصل ، وهو كونها ليست أمانة ، فيكون نظير مسألة القرشية وغيرها.
وفيه : إن ذلك لا يظهر من دليل العام ولا الخاص ، وقياسه على القرشية وغيرها ناشئ من عدم التبصر في تلك المسألة. وتوضيحها أن يقال المدار في تشخيص مجرى الاستصحاب المحرز لموضوع الحكم الشرعي ، هو القضايا