هذا الوجه غير تام أيضاً ، لأنه لا يمكن قبول دعوى أن للنقيصة مناشئ أخرى غير الغفلة والكذب ، وذلك لأن كلمة «على مؤمن» إما أن يفرض أنها من القرائن التي يكون لها دخل في اقتناص المعنى من الجملة أو لا ، بل هي مجرّد تفنن في العبارة مثلاً. فإن فرض الثاني فلا يتحقّق تعارض بين أصالة عدم الزيادة وأصالة عدم النقيصة ، ويدخل المقام في الصورة الثانية من الصور المتقدّمة ، فيكون من حقّ كل منهما أن يزيد وينقص. إلّا أن هذا خلف ، لأن المفروض أن كلمة «على مؤمن» هي من القرائن التي تؤثر في فهم المعنى إثباتاً ونفياً ، فلا يمكن أن يقال : لعل إسقاط الراوي لها كان من باب أنه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة ، أو أن طبعه الاختصار في التعبير ونحوهما ، لأن ظاهر حال كل راوٍ بمقتضى أمانته أن لا يفصل القرينة عن ذي القرينة ، بمعنى أن لا يذكر كلاماً أو يُسقط ما هو قرينة عليه. نعم يمكن أن يذكر شيئاً أو يسقطه إذا لم يكن له دخل في فهم المعنى ، وعليه يكون إسقاطه لشيء أيضاً منحصراً أمره إما في الغفلة أو الكذب. ولو لا ذلك لسقطت كل الأخبار عن الحجية ، لاحتمال ما يغيّر معناها الظاهر ، وقد أسقطه الراوي لسبب لا يمكن نفيه بالأصول العقلائية. إذن فلا فرق بين الزيادة والنقيصة من هذه الجهة.
الوجه الثالث : أن أصالة عدم الغفلة إنما هو أصل عقلائي معتبر بلحاظ كاشفيته وأماريته وحكايته عن الواقع ، ومن المعلوم أن الغفلة على الإطلاق على خلاف طبع الإنسان ، سواء كانت بالنسبة إلى كلمة سمعها وغفل عنها أو إلى كلمة لم يسمعها وتخيّل أنه سمعها ، ولكن احتمال الغفلة في طرف الزيادة أوهن من احتمالها في طرف النقيصة ، لأن افتراض أن الإنسان لم يسمع كلمة ثم تخيّل أنه سمعها أقلّ ندرة من افتراض أنه سمعها فغفل عنها فلم