تحقق الضرب من هذا على هذا ، بخلافه في القسم الأول حيث إنها نسبة حلولية لا صدورية ، لذا ليس لها إلّا طرف واحد وهو الفاعل ، فيقال : «جلس». هذا هو امتياز المتعدي عن اللازم.
فإذا تعدّى اللازم بالحرف ، فماذا يصنع؟ لو كان الحرف يجعل عمراً الذي جلس عنده طرفاً للنسبة التامة التي هي مدلول هيئة «جلس» على حد طرفية عمرو في قولنا «ضرب زيد عمراً» للنسبة التامة التي هي مدلول هيئة «ضرب» ، لكان الحرف يجعل الفعل متعدياً ، لكن الحرف لا يقوم بهذا الدور ولا يصنع ذلك ، لأن الحروف موضوعة للنسبة الناقصة وتدلّ بنفسها عليها ، وهذه النسبة الناقصة مرجعها إلى التقييد والتحصيص ، والقيد هو مدخول الحرف المجرور ب «إلى» ، والمقيّد المادّة وهي الجلوس الذي هو المدلول الاسمي. ف «إلى» في «جلست إليه» توجِد بحسب الحقيقة نسبة ناقصة وارتباطاً تقييدياً بين المعنى الاسميّ لمادة «جلس» وبين عمرو الذي جلس إليه ، ولا توجد ربطاً بين عمرو وبين مدلول هيئة «جلس» ؛ لأن مدلول الحرف نسبة ناقصة تقييدية ، والتقييد عبارة عن توحيد القيد مع المقيّد. فقولنا : «جلست إليه» مرجعه إلى «الجلوس إليه حقّقته» أي حقّقت هذه الحصة الخاصة من الجلوس. أما مدلول الهيئة وهو النسبة ، فتبقى غير لازمة غير متعدية ، ولا يخرجه الحرف من اللزوم إلى التعدّي من هذه الناحية. فهذا وإن أُطلق عليه أنه متعدّ لكن بوجه آخر ، وليس هو التعدّي بذاك المعنى الموجود في الفعل المتعدّي بنفسه ، وإن أفاد فائدته.
وبهذا التحقيق تحلّ عدّة أمور :
منها : أن ما يذكره مشهور النحاة أن الفعل يتعدّى تارة بنفسه وأخرى