بالحرف غير تام ، إلا إذا أُريد من هذه العبارة معناها العرفي ، أي أن النتيجة المتحصّلة من التعدّي تكون تارة من نفس الفعل وأخرى بواسطة الحرف ولا مشاحة فيه ، أما إذا أردنا أن نتعرّف على التخريج الفني لذلك ، فحقيقة التعدّي الذي يحصل للفعل بما هو فعْل ، غير التعدّي الذي يحصل له بتوسط الحرف.
ومنها : أن ما أُفيد من قِبل المحقِّق الأصفهاني (قدسسره) من أن باب المفاعلة هو لتعدية الأفعال اللازمة فهو بحكم حرف التعدية غير صحيح ، لأن التعدّي في الأول معناه أن «عمرو» في «جالست عمراً» طرف لنفس النسبة التامة ، وأما «عمرو» في «جلست إلى عمرو» فليس كذلك ، بل هو تحصيص وتقييد كما تقدّم. فهذا التشبيه حصل من الخلط بين هذين النحوين من التعدّي ، ومن ثم لا يمكن أن يقال : «جالس» يعطي معنى «جلس إليه» بل الحاصل أن المادة إذا تقمّصت ثوب باب المفاعلة ، وخرجت عن باب الفعل المجرّد إلى المزيد ، اكتسبت نسبة تامّة يصلح أن يكون لها طرفان بعد أن كانت نسبتها وهيئتها في المجرد حلولية لا يصلح أن يكون لها طرفان ، عندها نفتش عن هذه النسبة ما هي؟
ومنها : أنه ظهر بطلان الكلام الذي يُقال في مقام إثبات أن التعدية واللزوم ليسا من شؤون المعنى ، وإنما هما أمران اصطلاحيّان من قِبل أهل اللغة ، وأنه لا بد من الالتزام بذلك على أساس تعبدية اللغة. ويستدل على هذا في كلمات جملة من المحقّقين ، بأن الفعل الواحد يمكن أن يفرض متعدّياً ولازماً ، من قبيل : أضرَّه وأضرّ به ، ودخل الغرفة ودخل إلى الغرفة ، فيستكشف من هذا أنه ليس ناشئاً من خصوصيّات المعنى ، وإلّا فالنسبة الواحدة لا يختلف