في النار ، يكون السبب مصداقاً للمسبّب التوليدي ، فيصدق على الإلقاء في النار أنه إحراق ، وعلى الضرب أنه قتل وهكذا ، مع أن الضرب بالدقّة العقلية ليس قتلاً والإلقاء في النار ليس إحراقاً ، بل الإحراق هو نفس الاحتراق الخارجي ، غاية الأمر بما هو مضاف إلى الفاعل ، فإن الفرق بين الإحراق والاحتراق أمر اعتباري. وهذه قاعدة عامة عرفية طُبِّقت في المقام أيضاً ، لأن الحكم حيث إنه سبب للضرر على حدّ سببية الأسباب لمسبباتها التوليدية ؛ لذا ينطبق على الحكم نفس عنوان المسبّب. فمثلاً : الحكم بنفوذ المعاملة الغبنية ولزومها هو بحدّ ذاته حكم بنقصان مالية مال المغبون ، فيكون بنفسه ضرراً ، لأنه علّة للنقص ، فيكتسب من معلوله عنوانه. فعنوان الضرر المنطبق على معلوله يكون عنواناً ثانوياً للحكم. وكذلك الحال في وجوب الوضوء حيث إن هذا الوجوب وإن لم يوقع الإنسان في الضرر ، لكن بتوسط امتثاله بحسب قانون المولوية ينتهي إلى التكليف ، ومن ثم يكون مكتسباً عنوان مسببه. وحيث إنه ينطبق على الوضوء عنوان الضرر الناتج من وجوب الوضوء ، فيصدق على الوجوب أنه ضرر من هذه الناحية.
واعتراض جملة من الأعلام (بأن الضرر الناشئ من الوضوء منشؤه فعْل المكلف ، وأن الحكم الشرعي بوجوب الوضوء ليس إلّا مقدّمة من المقدمات الإعدادية له ، لا سبباً توليدياً ، مع أن هناك فرقاً بين المقدّمة الإعدادية والسبب التوليدي كما هو محقّق في محلّه) غير وارد ؛ لأن الظاهر أن الميرزا (قدسسره) ليس بصدد تطبيق قاعدة عقلية في المقام ، وإنما يدّعي قاعدة عرفية ؛ وتشخيص موضوع هذه القاعدة يكون بالنظر العرفي لا الدقي العقلي. وهذا أمر صحيح في نفسه ، لأن العرف يرى أن الحكم الشرعي هو المنشأ الحقيقي لهذا الضرر ،