فلو توضأ وانكشف له بعد ذلك أن الوضوء كان واجباً ، فمقتضى ذلك صحّة وضوئه لأنه صدر من أهله ووقع في محله ، لأن المفروض أن الوجوب الواقعي غير الواصل كان ثابتاً ، ولم يكن مرفوعاً بلا ضرر.
أما إذا بنينا على مسلك اجتماع الأمر والنهي ، فإنه لا إشكال في أن الوضوء يكون باطلاً في المقام ، لأن الوجوب وإن لم يصل ، إلّا أن الحرمة واصلة لأنه عالم بالضرر ، كما هو المفروض ، ومع وصول الحرمة تكون منجزة ، ومعه يستحيل أن يقع الوضوء على وجه العبادة. إذن بناءً على هذا التفسير يكون الحكم بالبطلان في فرض الجهل بالوجوب كالبطلان في فرض العلم به بملاك واحد.
هذه النكتة غير تامّة ، لأنه حتى لو اخترنا المسلك الأول في المقام ، فإنه لا يمكن تصحيح الوضوء أيضاً.
توضيحه : أننا إذا خصّصنا حكومة «لا ضرر» على دليل وجوب الوضوء بصورة العلم بالحكم ، وقلنا بأن جعل الحكم على المريض منوط بأن لا يكون منجّزاً عليه ، لأن إطلاقه لفرض المنجزية يلزم منه أن يكون مرفوعاً بلا ضرر ، فمعنى ذلك أن يتقيّد وجوب الوضوء على المريض بما إذا لم يكن منجزاً عليه ، لا بالعلم ولا بغيره ، ومثل هذا الجعل لا يقبل المنجزية ، وما لا يقبل المنجزية غير معقول كما ذهب إليه المحقق الأصفهاني ، ولو فرض أنه معقول وممكن ثبوتاً. إلا أنه غير عقلائي إثباتاً ، بمعنى أن العرف بعد أن يرفع اليد عن دليل وجوب الوضوء لا يرى أنه يقتصر على رفع اليد عن إطلاقه فقط ، ويتحفظ على الوجوب مقيّداً بعدم المنجزية ، لأن ذلك على خلاف الارتكاز العقلائي ، وعلى هذا فدليل نفي الوضوء للعالم به ، يدلّ على نفيه مطلقاً حتى عن الجاهل